وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١٣) وقد كان رجال اتبعوا النّبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قد وترهم المسلمون فيما أخذوا من أموالهم ، فكانت قلوبهم قد امتلأت عليهم ، فلمّا حسن إسلامهم استغفروا لأنفسهم ممّا كانوا عليه من الشّرك ، وسألوا الله أن يذهب بما في قلوبهم من الغلّ لمن سبقهم إلى الإِيمان ، واستغفروا لهم حتّى يحلل ما في قلوبهم ، وصاروا إخواناً لهم ، فأثنى الله على الّذين قالوا ذلك خاصّة ، فقال : ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١٤) فأعطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، المهاجرين عامة من قريش ، على قدر حاجتهم فيما يرى ، لأنّها لم يخمس فتقسم بالسّوية ، ولم يعط أحداً منهم شيئاً ، إلّا المهاجرين من قريش ، غير رجلين من الأنصار يقال لأحدهما : سهل بن حنيف ، وللآخر : سماك بن خرشة أبو دجّانة ، فإنّه أعطاهما لشدّة حاجة كانت بهما من حقّه ، وأمسك النّبي ( صلى الله عليه وآله ) من أموال بني قريظة والنّضير ، ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، سبع حوائط لنفسه ، لأنّه لم يوجف على فدك خيل أيضاً ولا ركاب ، وأمّا خيبر فإنّها كانت مسيرة ثلاثة أيّام من المدينة ، وهي أموال اليهود ، ولكنّه أوجف عليه خيل وركاب وكانت فيها حرب ، فقسّمها على قسمة بدر ، فقال الله : ( مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١٥) فهذا سبيل ما أفاء
__________________________
(١٣) الحشر ٥٩ : ٩ .
(١٤) الحشر ٥٩ : ١٠ .
(١٥) الحشر ٥٩ : ٧ .