.................................................................................................
______________________________________________________
ذكر بعضهم بأنه لا موجب للتقييد بل يجمع بينهما بالتخيير (١).
ولكن الصحيح ما ذهب إليه المشهور من لزوم السعي عليه بنفسه مباشرة إن لم يكن فيه حرج ومشقة ، وإلّا لزمته الاستنابة ، فإنهم وإن لم يتعرّضوا لوجه التقييد ولكن الوجه فيه : أن الوجوب في المقام وجوب نفسي لا شرطي ، فإن الوجوب قد يكون وجوباً شرطياً أو شطرياً كالاستقبال والتشهد بالنسبة إلى الصلاة ، والأمر به يكون إرشاداً إلى الشرطية أو الجزئية ، وكذلك النهي عن إتيان شيء في الصلاة يكون إرشاداً إلى المانعية.
ومقتضى هذه الأوامر شرطية الاستقبال أو جزئية التشهد للصلاة مطلقاً ، سواء كان المكلف ملتفتاً أم لا ، فإن الشرطية أو الجزئية ثابتة في جميع الأحوال ولا تختص بحال دون حال ، وكذلك المانعية ، فمقتضى ذلك أنه لو ترك جزءاً أو شرطاً بطلت صلاته سواء كان عالماً أم لا ، فان الاجتزاء بالناقص يحتاج إلى الدليل ، فلا يمكن الحكم بالصحة بمجرد الجهل بالجزئية أو الشرطية إلّا بحديث لا تعاد (٢) ولو لم يكن هذا الحديث الشريف لحكمنا بالفساد.
وأمّا إذا كان الأمر مولوياً وجوبياً كما في المقام ، فإن الأمر بالطواف والسعي والقضاء أمر مولوي وكذلك الأمر بالاستنابة ، وليس الأمر في المقام إرشادياً ، فيدور الأمر بين وجوب السعي بنفسه مباشرة وبين وجوب الاستنابة ، ولا ريب أن كل تكليف مشروط بالقدرة وعدم الحرج ، فلو فرض أن السعي مباشرة غير مقدور له أو لا يتمكن من التدارك بنفسه للعسر والحرج يرتفع الوجوب بدليل نفي الحرج فالوجوب النفسي المباشري المستفاد من صحيح معاوية بن عمار يتقيد بنفسه بالقدرة وعدم الحرج ، فاذا كان صحيح معاوية بن عمار مقيداً بذلك فنسبته إلى صحيح ابن مسلم نسبة الخاص إلى العام ، لأن صحيح ابن مسلم مطلق من حيث القدرة وعدمها فالنتيجة مع المشهور.
__________________
(١) المستند ١٢ : ١٧٦.
(٢) الوسائل ١ : ٣٧٢ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.