.................................................................................................
______________________________________________________
الشك قبل إتمام السعي وفي أثنائه ، والفراغ غير حاصل وإنما تخيل الفراغ ، ومفروض كلامنا هو الشك بعد الفراغ وليس في المقام علم بالنقص ، بخلاف مورد الرواية فإنه علم بالنقص ولكن لم يحفظ أنه ستة ولم يعلم أنه ستة أو أقل.
المورد الثاني : فاعلم أن جمعاً من الفقهاء ذهبوا إلى عدم الاعتناء إن خرج من المسعى وانصرف عن السعي وإن كان قبل التقصير ، باعتبار أنه شك بعد التجاوز من المحل ، وممّن صرّح بذلك شيخنا الأُستاذ (قدس سره) (١) بدعوى أن الشك في أنه أتى بالسبعة أم لا شك بعد الفراغ ، لأن الخروج من المسعى والانصراف عنه يحقق الفراغ والتجاوز عن السعي.
ولكن لا يمكن إثباتها بدليل ، بل الشك حينئذ في الحقيقة حاصل في أثناء السعي وأثناء العمل. وبالجملة : الشك إن كان حادثاً بعد التقصير فلا اعتبار به لقاعدة الفراغ ، وإن كان الشك قبل التقصير ولم تفت الموالاة بناء على اعتبارها كما هو المختار فالشك من الشك في المحل ، وأمّا بناء على عدم اعتبار الموالاة كما هو المشهور فلا ريب في أنه من الشك في المحل وإن فاتت الموالاة. وأمّا بناءً على اعتبار الموالاة وشك بعد فوات الموالاة فالشك من الشك بعد المحل.
فالكلام فيما لو لم تفت الموالاة ولم يقصّر ولكن خرج من المسعى وانصرف عنه فشك ، فقد ذهب جمع إلى عدم الاعتناء ، لأنه شك بعد الفراغ ، ولكن ذكرنا في المباحث الأُصولية (٢) أن الشك إنما لا يعتنى به بعد تحقق عنوان المضي والتجاوز ، والمضي قد يكون حقيقياً وقد يكون حكمياً وبالعناية باعتبار محله ، فجريان القاعدة يحتاج إلى المضي الحقيقي أو الحكمي ، والمضي الحكمي باعتبار مضي المحل كمضي القراءة بعد الدخول في السورة فإن المضي الحقيقي غير حاصل ، لأن التدارك ممكن لعدم الدخول في الركوع ، فالمضي هنا بمعنى مضي المحل والتجاوز عنه ، ولذا اعتبرنا الدخول في الغير في جريان القاعدة حتى يصدق عنوان التجاوز ، لأن المفروض أن المحل باق حقيقة
__________________
(١) دليل الناسك (المتن) : ٢٩٥.
(٢) راجع مصباح الأُصول ٣ : ٢٨٢.