.................................................................................................
______________________________________________________
ويتمكّن من التدارك.
وأمّا المضي الحقيقي فهو كالشك بعد الفراغ من الصلاة ، فإن الصلاة قد مضت على كل تقدير سواء كانت صحيحة واقعاً أو كانت باطلة ولا يمكن تداركها ، والشك إنما هو في أمر ماض لا في أمر حالي ، وكالشك في إتيان بعض أجزاء الوضوء بعد الفراغ منه والانصراف عنه.
والجامع أن يكون الشك متعلقاً بشيء لا يمكن تداركه بالفعل لتعلقه بأمر قد مضى ، بخلاف الشك في القراءة بعد الدخول في السورة فإن المضي فيه حكمي لإمكان التدارك ، وهذا هو الميزان في جريان قاعدة الفراغ والتجاوز ، وذلك من دون فرق بين الشرائط الشرعية غير المقوّمة كاشتراط الصلاة بطهارة اللباس والبدن أو اعتبار الستر ونحو ذلك ، وبين الشرائط غير الشرعية المقوّمة كالدخول في الوقت ، فان كان محرزاً للوقت ولكن رجع شكه إلى عمله وإيقاعه في الوقت تجري القاعدة ، وأمّا إذا كان بالفعل شاكاً في دخول الوقت فالقاعدة لا تتكفل صحة الصلاة ولا دخول الوقت. وكذا لو كان هناك إناءان أحدهما فيه ماء مطلق والآخر فيه ماء مضاف وتوضأ وكان حين الوضوء ملتفتاً ثم شك في أنه توضأ من المطلق أو المضاف فهنا تجري القاعدة ، لأن الشك يرجع إلى عمله ، ففي المقام لو خرج من المسعى ولم يحرز الشوط السابع فبعد لم يتجاوز ولم يتحقق الفراغ بل هو في الأثناء فلا بد من الاعتناء به.
وربما يقال بأن المناط في جريان قاعدة الفراغ هو الفراغ الاعتقادي ، ولكن لا يمكن إثباته بدليل ، لأن موضوع الروايات هو المضي وهو يتحقق بالفراغ الحقيقي أو الحكمي ، وأمّا المضي الاعتقادي فلا يشمله عنوان المضي ، فالعبرة بأحد أمرين :
المضي الحكمي العنايتي أو الحقيقي ، وأمّا المضي الاعتقادي الخيالي فلا عبرة به. وإن كان شكه بعد الخروج من المسعى فضلاً عن وجوده فيه ، فلا بدّ من الاعتناء وتفصيل هذا البحث يطلب من تقريراتنا الأُصولية.