.................................................................................................
______________________________________________________
فمقتضى الأدلّة الأولية هو الفساد وعدم الاكتفاء به.
وأمّا الوقوف في عرفات تبعاً للعامة في مورد الشك وعدم القطع بالخلاف فيدخل تحت الكبرى المتقدمة ، وهي أن الوقوف في عرفات في الصورة المفروضة مما كثر الابتلاء به قريب مائتي سنة في زمن الأئمة (عليهم السلام) ولم نر ولم نعهد في طول هذه المدّة أمرهم (عليهم السلام) بالوقوف في اليوم الآخر وحكمهم بعدم الاجزاء فيعلم أن الوقوف معهم مجزئ.
ودعوى أن ذلك من جهة عدم تمكن المؤمنين من الوقوف الثاني ولذا لم يصدر الأمر من الأئمة (عليهم السلام) بالوقوف ثانياً ، غير مسموعة ولا يمكن تصديقها ، للتمكن من الوقوف برهة من الزمان ولو مرّة واحدة في طول هذه المدة ولو بعنوان أنه يبحث عن شيء في تلك الأرض المقدّسة ، فالسيرة القطعية دليل قطعي على الاجزاء والصحة كما هو الحال بالنسبة إلى الصلاة ، فلا عبرة باستصحاب عدم دخول يوم عرفة.
هذا مضافاً إلى رواية أبي الجارود الواردة في الشك ، فإنها دالة على الصحة ، فإن المستفاد منها لزوم متابعتهم وعدم جواز الخلاف والشقاق بيننا وبينهم ، قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) إنّا شككنا في عام من تلك الأعوام في الأضحى ، فلما دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وكان بعض أصحابنا يضحي ، فقال : الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس والصوم يوم يصوم الناس» (١) والسند معتبر ، فإن أبا الجارود قد وثّقه المفيد ومدحه مدحاً بليغاً (٢) مضافاً إلى أنه من رجال تفسير علي بن إبراهيم ورجال كامل الزيارات ولا يضر فساد عقيدته بوثاقته. فمقتضى السيرة القطعية وخبر أبي الجارود لزوم ترتيب جميع الآثار من الوقوف وسائر الأعمال كمناسك منى.
ثم إنه لو وقف تقية وأراد الاحتياط ووقف ثانياً ، فان كان الوقوف الثاني مخالفاً
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ١٣٣ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٧.
(٢) راجع منتهى المقال ٣ : ٢٨٣.