.................................................................................................
______________________________________________________
ثم إنّ ذكر القطعة الأخيرة من هذه الموثقة في الباب التاسع من أبواب الوقوف بالمشعر سهو منه ، لما عرفت من أن المراد من الجبل المذكور فيه هو جبل عرفات لا الجبل الذي هو حد المشعر ، فما ذكره صاحب الحدائق من الاعتراض على الأصحاب هو الصحيح ، إذ لا دليل على جواز الارتفاع إلى الجبل في المشعر الذي هو حد آخر للمشعر وهو غير الجبل الواقع في المشعر ، فقد صرح في صحيح زرارة بأن الجبل حد آخر للمشعر ، فعن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال للحكم بن عتيبة «ما حد المزدلفة؟ فسكت ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : حدها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسر» (١).
وبالجملة : لا دليل على جواز الوقوف على الجبل الذي هو من حدود المشعر.
نعم ، لو أرادوا من الجبل المأزمين كما حمل صاحب الجواهر عبارة المحقق على ذلك (٢) فلا بأس به ، وإن كان بعيداً ، ولكن كلام صاحب الوسائل صريح في أنّ الجبل المذكور في عنوان الباب غير المأزمين ، لأنه ذكر الجبل في قبال المأزمين.
ثم إنّ بعض الأعلام (٣) استشكل في جواز الوقوف في المأزمين لخروجه عن الموقف وقال : لأن الوقوف بالمشعر من الأركان فكيف يسوغ تركه بمجرّد كثرة الناس والمضايقة.
ولا يخفى أنّ ما ذكره من أوضح موارد الاجتهاد في مقابل النص ، فإنّ الأحكام تعبّدية ولا مانع من كون الموقف موقفاً عند الإمكان وعدم الزحام ، وأمّا عند الزحام والضيق يكون الموقف أوسع ، وليس وجوب الوقوف في المزدلفة من الأحكام العقلية التي لا تقبل التخصيص.
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ١٧ / أبواب الوقوف بالمشعر ب ٨ ح ٢.
(٢) الجواهر ١٩ : ٦٧.
(٣) الظاهر أنه السيد الحكيم (قدس سره) في دليل الناسك : ٣٤٠.