.................................................................................................
______________________________________________________
ليلاً لم يبطل حجّه ، واستدل لهم بمعتبرة مسمع عن أبي إبراهيم (عليه السلام) «في رجل وقف مع الناس بجمع ، ثم أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : إن كان جاهلاً فلا شيء عليه ، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» (١). فان المستفاد منها أن من أفاض قبل طلوع الفجر عالماً عامداً لا يفسد حجّه وإنما ترك واجباً يجبره بشاة.
ولا يخفي أن الاستدلال بهذه الرواية لمذهب المشهور يتوقف على أن يكون الحكم الثاني المذكور في الرواية حكماً للعالم العامد.
وأشكل عليهم صاحب الحدائق بأن الرواية غير ناظرة إلى حكم العامد وإنما نظرها إلى حكم الجاهل من حيث الإفاضة قبل الفجر وبعده ، فموضوع السؤال في الرواية أنه وقف مع الناس الوقوف المتعارف ، وهو الوقوف من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، خصوصاً أن قوله «وقف مع الناس» ظاهر جدّاً في أنه وقف معهم في هذا الوقت ، فان الناس يقفون ويجتمعون في هذا الوقت ، ولكن أفاض قبل أن يفيض الناس ، أي قبل طلوع الشمس فقال (عليه السلام) «لا شيء عليه» ثم إن الإمام (عليه السلام) تدارك وذكر أنه إنما لا شيء عليه إذا أفاض بعد الفجر ، وإن لم يصبر إلى طلوع الشمس ، ولكن لو أفاض الجاهل قبل الفجر فعليه دم شاة ، فالرواية في الحكمين ناظرة إلى حكم الجاهل ، وأمّا العالم العامد فالرواية ساكتة عنه ولا دليل عليه بخصوصه فاذن تشمله الروايات الدالة على أن من لم يدرك المشعر مع الناس فقد فاته الحج ، ولا أقل من إجمال رواية مسمع ، فالمرجع أيضاً تلك العمومات الدالة على بطلان الحج بترك الوقوف في المشعر ، فحاصل المعنى من الرواية بعد فرض الإفاضة في كلام السائل بعد الفجر وقبل طلوع الشمس هكذا : إن كان جاهلاً فلا شيء عليه في إفاضته في ذلك الوقت ، وإن كانت إفاضته قبل طلوع الفجر فعليه شاة (٢).
وما ذكره (قدس سره) متين جدّاً ، فاذن لا دليل على الصحة فيما إذا أفاض قبل الفجر عمداً ، فالصحيح ما ذهب إليه ابن إدريس والشيخ في الخلاف ، من أن الركن
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ٢٧ / أبواب الوقوف بالمشعر ب ١٦ ح ١.
(٢) الحدائق ١٦ : ٤٤٠.