.................................................................................................
______________________________________________________
وهذه الصحيحة شاهدة للجمع بين الطائفتين المذكورتين بحمل الاستنابة على صورة عدم التمكن من المباشرة بنفسه ، ولعل وجه الإطلاق في تلك الروايات حملها على الغالب لعدم التمكن من الرجوع غالباً.
وبالجملة : مقتضى الجمع بين الروايات وجوب الرجوع عليه بنفسه والطّواف مباشرة وإن لم يقدر على ذلك فتجوز له الاستنابة ، هذا كله في فرض النسيان.
وأمّا لو تركه عامداً ، سواء كان جاهلاً بالحكم أو عالماً به ، فهل تجب عليه المباشرة والطّواف بنفسه بدعوى أن أخبار الاستنابة موردها النسيان ولا تشمل العامد كما في الجواهر ، أم يستنيب في صورة العجز عن المباشرة كما هو الحال في مورد النسيان ، فالعامد أيضاً يجب عليه الرجوع لو تمكّن وإلّا فيستنيب كما اختاره شيخنا النائيني (قدس سره) (١)؟ والصحيح هو الثاني ، ويدلُّ عليه :
أوّلاً : أن النسيان لا خصوصية له ، فان طواف النساء له جهتان : الوجوب النفسي والوجوب الشرطي.
أمّا الوجوب النفسي فيسقط بالعجز وبعدم القدرة ، فإن من أتى بلده لا يتمكن من الرجوع بنفسه فيسقط الوجوب التكليفي لعدم القدرة ، من دون فرق بين تركه نسياناً أو عمداً.
أمّا الوجوب الشرطي وهو وجوبه لتحل له النساء كما ورد التعليل بذلك في غير واحد من الروايات ، وهذا التعليل كاشف عن عدم الاختصاص بصورة النسيان ، فان مقتضى التعليل الوارد في النصوص من أنّ الرجل يحتاج إلى الزوجة ولئلّا تبقى الزوجة بلا زوج ، مشروعية النيابة عند سقوط التكليف بالمباشرة وعدم القدرة على الامتثال.
وثانياً : يكفينا في جواز الاستنابة في فرض العجز عن المباشرة نفس الروايات المتقدمة (٢) من أن الطّواف له مراتب ثلاث ، فان تلك المطلقات غير قاصرة الشمول
__________________
(١) دليل الناسك (المتن) : ٤٢١.
(٢) في ص ٣٥٣.