.................................................................................................
______________________________________________________
وممّا يؤكد الحمل على التقية صحيحة صفوان المتقدمة (١) من أنه (عليه السلام) لما سأله بعض العامة فلم يجبه وقال (عليه السلام) لا أدري.
ومن الغريب جدّاً ما صنعه الشيخ (قدس سره) من حمل الروايتين على المشتغل بالعبادة بمكة أو على من خرج من منى بعد نصف الليل (٢) إذ لا يخفى فسادهما ، أمّا فساد الثاني فواضح جدّاً ، لأنه إذا خرج من منى بعد انتصاف الليل فقد عمل بما هو عليه فكيف قال (عليه السلام) «وقد أساء» على أنه كيف يصح التعبير بأنه فاتته ليلة من ليالي منى. وأمّا فساد الأول فلأن المشتغل بالعبادة بمكة لا يقال في حقه فاته المبيت. وأيضاً لا يصح أن يقال إنه أساء ، لأن الفوت والإساءة بترك الواجب والوظيفة مع أنه لو كان مشتغلاً بالعبادة فقد أتى بالوظيفة.
فالصحيح في الجواب أن يقال كما ذكرنا إن دلالتهما بالإطلاق ، فيقيدان بما دلّ على ثبوت الدم أو يحملان على التقية ، فالصحيح وجوب الكفارة عليه بالشاة عن كل ليلة.
وقد احتمل شيخنا الأُستاذ في مناسكه ثبوت الكفارة على المبيت في مجموع الليل وتمامه خارج منى ، فمن خرج بعد أول الليل من منى وبات في مكة غير مشتغل بالعبادة يكون آثماً لترك المبيت في منى وعدم اشتغاله بالعبادة ، ولكن لا تجب عليه الكفارة لأن الكفارة إنما تثبت فيما إذا بات تمام الليل خارج منى (٣).
وفيه : أن المستفاد من النص أنه لو رجع إلى منى بعد انتصاف الليل يثبت عليه الكفارة ، مع أنه لم يبت تمام الليل خارج منى كصحيحة معاوية بن عمار «فان بت في غيرها فعليك دم ، فان خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلّا وأنت في منى إلّا أن يكون شغلك نسكك» (٤) فان المستفاد منه إن رجع بعد انتصاف الليل إلى منى ولم
__________________
(١) في ص ٣٨٦.
(٢) التهذيب ٥ : ٢٥٨.
(٣) دليل الناسك (المتن) : ٤٣٤.
(٤) الوسائل ١٤ : ٢٥٤ / أبواب العود إلى منى ب ١ ح ٨.