.................................................................................................
______________________________________________________
أمّا مقتضى القاعدة فالحق مع ابني بابويه وإدريس لأصالة عدم وجوب الذبح وأورد على ذلك صاحب الجواهر بأن هذا الأصل مقطوع باستصحاب حكم الإحرام إلى أن يعلم حصول التحلل ، فالأصل يقتضي وجوب الذبح لأنه كان محرماً ، وما لم يذبح نشك في زوال الإحرام والأصل بقاء الإحرام وعدم تبدله إلى التحلل (١).
والجواب : أن هذا من الاستصحاب الكلي في الأحكام المجعولة وهو معارض باستصحاب عدم الجعل ، إذ نشك في سعة الجعل وضيقه وشمول الجعل لهذا المورد وعدمه والأصل عدمه ، وتحقيق ذلك في علم الأُصول (٢) فما ذكره ابن إدريس صحيح على ما تقتضيه القاعدة ، وعجزه عن الإتمام يكشف عن إحلاله من أوّل الأمر ، وأنه لم يكن مأموراً بالإحرام من الأوّل ، ولا يجب عليه شيء فهو في الحقيقة لم يكن محرماً أصلاً ولا يترتب على إحرامه شيء.
أمّا الآية (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (٣) فقد استدل للقائل بوجوب الذبح بها ، فان المستفاد منها وجوب إتمام الحج والعمرة ، وعدم جواز رفع اليد عنهما اختياراً ، حتى أنه إذا أُحصر ومنع من إتيان الحج والعمرة لا يتحلل من الإحرام إلّا بالهدي ، وكذا يستفاد من الآية عدم جواز الحلق إلّا بعد بلوغ الهدي محله أي منى ولكن الأخير حكم خاص بالمحصور المصطلح ، وأمّا المصدود الذي يصد بالعدو فمقتضى الروايات عدم لزوم بلوغ الهدي إلى منى ، بل يذبح حيث صدّ في مكانه كما سيأتي.
ثم إن إطلاق الآية مع قطع النظر عن الروايات المفسرة لها يقتضي شمول الحكم للمصدود أيضاً ، لأن الحصر لغة (٤) بمعنى المنع ولم يكن موضوعاً للحصر بالمرض خاصة بل معناه اللغوي مطلق المنع والحبس ، ومنه قوله تعالى (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي
__________________
(١) الجواهر ٢٠ : ١١٦.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ٣٨.
(٣) البقرة ٢ : ١٩٦.
(٤) راجع مجمع البحرين ٣ : ٢٧١.