.................................................................................................
______________________________________________________
سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) (١) فالآية بإطلاقها يشمل المصدود أيضاً ولا تختص بالمنع بسبب المرض.
ومما يؤكد ذلك : أن الآية وردت في صد المشركين لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الحديبية فإنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) نحر في مكانه ورجع ، فكيف يقال بأن الآية لا تشمل الصد ، فاختصاص الآية بالحصر بالمرض ونحوه لا وجه له ، بل يحتمل أن يكون المراد من الآية الأعم من المنع بسبب العدو أو بسبب المرض كما يساعده المعنى اللغوي للحصر.
ويؤكد ما ذكرنا : أن الأحكام المذكورة في الآية الشريفة (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الآية (٢) مسترسلة ومرتبطة بعضها ببعض ، فان الله تعالى بيّن أوّلاً وجوب إتمام الحج والعمرة وعدم جواز رفع اليد عنهما بعد الشروع فيهما ، ثم قال تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) أي إن تعذر عليكم إتمام الحج والعمرة فعليكم الهدي بما استيسر ، ثم قال تعالى ولكن (لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ، ثم استثنى من ذلك (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) محوجاً إلى الحلق أو به أذى من رأسه كالقمل ونحوه (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ) ... فقوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) أقوى شاهد على أن المراد بالحصر المذكور في صدر الآية ليس خصوص المرض ، بل المراد به مطلق المنع عن الحج كما يساعد عليه اللغة واستعماله في مورد آخر من الكتاب العزيز في المنع ، فكأنه تعالى قسّم الحصر إلى المريض وغيره ، فالموضوع أعم من المريض وغيره ومطلق المنع هو المقسم ، وإلّا لو كان الحصر في الآية بمعنى المرض فلا يلتئم مع قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) الذي هو من تتمّة الحكم المذكور في صدر الآية ، لرجوع
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٣.
(٢) البقرة ٢ : ١٩٦.