.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك إلى أنه إذا مرضتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم إلى قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) بل الظاهر من قوله (مِنْكُمْ) التبعيض ، فمعنى الآية ما يقتضيه سياقها ، وسوق الفقرات المذكورة فيها أن الممنوع من الحج لا يجوز له الحلق حتى يبلغ الهدي محله ، إلّا إذا كان سبب المنع المرض الذي لا يتمكّن من ترك الحلق ولا يتمكن من الصبر إلى أن يبلغ الهدي محله فيجوز له الحلق وعليه الفدية ، فالمقسم مطلق المنع لا خصوص المرض وإلّا فلا يناسب مع ذكر المريض في الفقرة الثانية في الآية ، فما حكي من بعض أهل اللغة أن الحصر بمعنى المرض لم يثبت ، بل الصحيح أن الحصر بمعنى مطلق المنع كما حكي عن جماعة آخرين من أهل اللغة ، وإلى ما ذكرنا ذهب أو مال إليه في الجواهر (١).
نعم يظهر من رواية حريز (٢) الحاكية لمرور النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) على كعب بن عجزة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم فأنزلت هذه الآية (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) أن هذه الآية نزلت في مورد آخر ، ولم تكن من متممات آية الحصر ، فلا تكون هذه الفقرة قرينة على أن المراد بالحصر هو مطلق المنع ، ولكن الرواية لم تثبت صحتها ، لأن الشيخ رواها مسندة عن حريز (٣) والكليني رواها عن حريز عمن أخبره (٤) فلم يعلم أن الرواية مرسلة أو مسندة ، فلا يمكن الاعتماد عليها فالعبرة بظاهر الآية الكريمة.
وأمّا الروايات : ففي صحيح زرارة «المصدود يذبح حيث صد» (٥) ودعوى أن الجملة الفعلية لا تدل على الوجوب ، مدفوعة بما ذكر في علم الأُصول بأن الجملة الفعلية آكد وأظهر في الوجوب من الإنشاء (٦).
__________________
(١) الجواهر ٢٠ : ١١٢.
(٢) الوسائل ١٣ : ١٦٥ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٤ ح ١.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٣ / ١١٤٧.
(٤) الكافي ٤ : ٣٥٨ / ٢.
(٥) الوسائل ١٣ : ١٨٠ / أبواب الإحصار والصد ب ١ ح ٥.
(٦) راجع محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣٢ وما بَعدها.