الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع لا دليل على اعتبارها تعبداً إلّا على القول بالأصل المثبت ، ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك (١) ، وأصالة عدم النقل (٢) إنّما كانت معتبرة في ما إذا شك في أصل النقل ، لا في تأخره ،
______________________________________________________
المعاني الشرعية ـ لا يترتب على نفس المستصحب ، بل على لازمه العقلي ، وهو تأخر الاستعمال عن الوضع ، وقد قرر في محله عدم حجية الأصل المثبت ، ولو أُريد بها الأصل العقلائي أي بناؤهم على ترتيب آثار التأخر عن الحادث الّذي شك في تقدمه وتأخره ، فان ثبت هذا البناء منهم فلا كلام ، وإلّا فلا وجه لاعتباره ، والشك في اعتباره كافٍ في القطع بعدم الثبوت.
(١) فعلى هذا لا يمكن حمل تلك الألفاظ الواقعة في كلام الشارع على المعاني الشرعية مع الشك في تقدم استعمالها على نقلها عن المعاني اللغوية إلى الشرعية ، وتأخره عنه.
(٢) غرضه : تضعيف احتمال حمل الألفاظ على معانيها اللغوية اعتماداً على أصالة عدم النقل مع الشك في تقدم استعمال الشارع لها على الوضع وتأخره عنه ، بأن يقال : إنّه يشك في نقل الألفاظ عن معانيها إلى المعاني الشرعية قبل هذا الاستعمال أو بعده ، فيستصحب عدم النقل فتحمل على معانيها اللغوية.
وجه الضعف : أنّ أصالة عدم النقل لم يثبت اعتبارها إلّا في أصل النقل بمعنى أنّه إذا شك في نقل لفظ عن معناه إلى معنى آخر ، فحينئذٍ يجري فيه الأصل ، وأمّا إذا علم بالنقل وشك في تاريخه ، فلم يثبت اعتبار أصالة عدم النقل فيه ، والمفروض في المقام هو الجهل بتاريخ النقل لا بأصله (*) فيعامل مع تلك الألفاظ معاملة المجمل.
__________________
(*) الظاهر عدم الفرق في حجية أصالة عدم النقل بين الشك في أصل النقل وتاريخه ، فسقوطها إنّما هو للمعارضة ، لا لعدم حجيتها في الجهل بتاريخ النقل.