.................................................................................................
______________________________________________________
يكون التغاير حقيقياً والاتحاد اعتبارياً ، وذلك بتنزيل الأشياء المتغايرة منزلة شيء واحد وملاحظتها من حيث المجموع.
وبالجملة : فيلحقه بذلك الاعتبار وحدة اعتبارية ، فيصح حمل كلِّ جزءٍ من أجزائه المأخوذة لا بشرط عليه ، وحمل كل واحد منها على الآخر بالقياس إليه نظراً إلى اتحادهما فيه كقولك : ـ الإنسان جسم أو ناطق ـ فإنّ الإنسان مركّب في الخارج حقيقة من بدن ونفس ، لكن اللفظ إنّما وضع بإزاء المجموع من حيث كونه شيئاً واحداً ولو بالاعتبار ، فإن أُخذ الجزءان بشرط لا ـ كما هو مفاد لفظ البدن والنّفس ـ امتنع حمل أحدهما على الآخر وحملهما على الإنسان ، لانتفاء الاتحاد بينهما ، وإن أُخذ اللابشرط ـ كما هو مفاد الجسم والناطق ـ صح حمل أحدهما على الآخر وحملهما على الإنسان ، لتحقق الاتحاد المصحح للحمل. فقد تحقق مما قررنا : أنّ حمل أحد المتغايرين بالوجود على الآخر بالقياس إلى ظرف التغاير لا يصح إلّا بشروط ثلاثة : أخذ المجموع من حيث المجموع ، وأخذ الأجزاء لا بشرط ، واعتبار الحمل بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع ، إذا تبين عندك هذا فنقول : أخذ العرض لا بشرط لا يصحِّح حمله على موضوعه ما لم يعتبر المجموع المركب منهما شيئاً واحداً ، ويعتبر الحمل بالقياس إليه ، ولا خفاء في أنّا إذا قلنا : ـ زيد عالم أو متحرك ـ لم نرد بزيد المركب من الذات وصفة العلم أو الحركة ، وإنّما نريد به الذات وحدها ، فيمتنع حمل العلم والحركة عليه وان اعتبر لا بشرط.
بل التحقيق : أنّ مفاد الهيئة مفاد ذو ، ولا فرق بين قولنا : ذو بياض وقولنا : ذو مال ، فكما أنّ المال إن اعتبر لا بشرط لا يصح حمله على صاحبه كذلك البياض» انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه.