ضرورة (١) أن الأمر في ـ جاء زيد لأمر كذا ـ ما استعمل في معنى الغرض ، بل اللام قد دلّ على الغرض ، نعم يكون مدخوله مصداقه ، فافهم (٢) ، وهكذا الحال في قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) يكون مصداقاً للتعجب لا مستعملاً في مفهومه ، وكذا في الحادثة والشأن ، وبذلك (٣) ظهر ما في دعوى الفصول (٤) من كون لفظ الأمر حقيقة في المعنيين الأوّلين (٥) ، ولا يبعد دعوى
______________________________________________________
(١) تعليل لقوله : «ولا يخفى» وحاصله : كما مر أنّ لفظ الأمر في جملة من الموارد المذكورة لم يستعمل أي لم يجعل حاكياً عن المعاني وفانياً فيها على حد استعمال سائر الألفاظ في معانيها ، فإنّ الدال على الغرض هو اللام.
(٢) لعله إشارة إلى اختلاف موارد استعمال الأمر ، فإنّه قد يستعمل في معنى الغرض كما إذا قال : «جئتك لأمر كذا» ، لأنّه بمنزلة قوله : «جئتك لغرض كذا» وقد يستعمل في مصداقه وهو فيما إذا لم يضف إلى شيء ، كما إذا قال للطبيب مثلا : «جئتك لأمر» قاصداً به المعالجة. وكيف كان فلا يبعد أن يقال : إنّ معنى الأمر هو الفعل أو الشيء ، والخصوصيات من كونه عجيباً أو غرضاً أو غيرهما تستفاد من دوالٍّ أُخر كالقرائن المقالية والمقامية ، لا أنّ الأمر قد استعمل في معانٍ عديدة حتى يكون بلحاظها متكثر المعنى.
(٣) أي : بالفرق بين المفهوم والمصداق.
(٤) قال في الفصول : «الحق أنّ لفظ الأمر مشترك بين الطلب المخصوص كما يقال : امره بكذا ، وبين الشأن كما يقال : شغله أمر كذا ، لتبادر كل منهما من اللفظ عند الإطلاق مع مساعدة ظاهر كلام بعض اللغويين عليه» انتهى.
(٥) وهما الطلب والشأن ، وحاصل إشكال المصنف على الفصول هو : أنّ لفظ الأمر لم يستعمل في مفهوم الشأن حتى يعد من معانيه ، بل استعمل في مصداقه ،