بالاختيار ، وإلّا (١) لَزِم تخلف إرادته عن مراده تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
إن قلت (٢) : إنّ الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بإرادتهما (٣) ، إلّا أنّهما (٤) منتهيان
______________________________________________________
(١) أي : وإن لم تصدر العناوين المذكورة بالاختيار ـ مع تعلق إرادته تعالى التكوينية بصدورها من العبد باختياره ـ لَزِم تخلُّف إرادته تعالى عن مراده ، بداهة أنّ إرادته عزوجل تعلقت بصدور تلك العناوين باختيار العبد ، فلو صدرت بدونه لزم الخلف.
فالمتحصل : أنّه لا يلزم من تعلق إرادة الله تعالى تكويناً بالإيمان والإطاعة والكفر والعصيان جبرٌ أصلا ، لما مرّ من كون إرادته التكوينية على نحوين ، ويلزم الجبر على أحدهما دون الآخر.
(٢) غرض هذا المستشكل : عدم اندفاع إشكال الجبر بما ذكر من تأثير إرادة الكافر والمؤمن في اختيارية الكفر والإيمان ، ولذا لا يكونان كحركة المرتعش في كونهما خارجين عن الاختيار. وحاصل وجه عدم الاندفاع هو : أنّ إرادة العبد لمّا كانت من الممكنات كانت منتهية إلى إرادة الواجب تعالى شأنه التي هي واجبة ، لكونها عين ذاته عزوجل فإرادة العبد المستندة إلى إرادته جلّت عظمته تكون غير اختيارية ، فيقبح التكليف حينئذٍ بالإيمان وغيره ، لكونه تكليفاً بأمر غير اختياري ، كما يقبح العقاب على الكفر والعصيان ، لأوله بالأخرة إلى ما لا يكون بالاختيار ، فلم يندفع إشكال الجبر بمجرد تأثير إرادة العبد في اختيارية الكفر والإيمان.
(٣) أي : بإرادة الكفر والعصيان من العبد.
(٤) يعني : إلّا أنّ إرادتي الكفر والعصيان منتهيتان إلى أمر غير اختياري.