يكون خارجا لا مفهوما ، وقد عرفت أنّ المنشأ ليس إلّا المفهوم (١) ، لا الطلب الخارجي ، ولا غرو أصلا في اتحاد الإرادة والعلم عينا وخارجا ، بل لا محيص عنه في جميع صفاته تعالى ، لرجوع الصفات إلى ذاته المقدسة ، قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه (٢) : «وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه».
______________________________________________________
(١) أي : مفهوم الطلب.
(٢) غرضه من نقل كلام المولى سيد الوصيين عليه أفضل صلوات المصلين هو الاستشهاد به على اتحاد صفاته تعالى وعينيتها لذاته جل وعلا.
توضيحه : أنّ الإخلاص له هو تجريده تعالى عن الزوائد والثواني ليكون بسيطا حقيقيا ، وإلّا لم يكن بسيطا كذلك ، وبساطته الحقيقية تتوقف على نفي الصفات عنه ، إذ بدونه يصير مقرونا بشيء أي صفة زائدة على ذاته ، ومن قرنه بغيره فقد جعل له ثانيا في الوجود ، ولازمه تركُّبه من جزءين ، وهذا ينافي بساطته الحقيقية ، إذ لو كان في الوجود غيره سواء كان صفة أم غيرها لم يكن بسيطا حقيقيا ، فالتوحيد المطلق هو أن لا يعتبر معه تعالى غيره مطلقا ، هذا في الصفات المغايرة لذاته تعالى في الوجود. وأمّا الصفات غير المغايرة لها وجودا بأن تكون عينها بحيث يكون الذات بذاته مصداقا لجميع النعوت الكمالية من دون قيام أمر زائد بذاته الأحدية جلّ وعلا ، فهي غير منفية عنه تعالى شأنه ، لقوله عليه الصلاة والسّلام : «ليس لصفته حد محدود» ، فلا منافاة بين هذه الجملة :
«ليس لصفته حد محدود» وبين قوله عليهالسلام : «وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» ، وقوله عليهالسلام : «فمن وصفه قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزاء» وذلك لأنّ ما يثبت الصفات له تعالى ناظرٌ إلى الصفات