(المبحث الرابع) (١) : أنّه إذا سلم أنّ الصيغة لا تكون حقيقة في الوجوب هل لا تكون ظاهرة فيه أيضا (٢) أو تكون؟ قيل بظهورها فيه (٣) : إمّا لغلبة الاستعمال (٤) فيه ، أو (٥) لغلبة وجوده ، أو
______________________________________________________
خصوص الوجوب ، لأنّ المستحبات أكثر من الواجبات ، وأكثرها مستفادة من الجمل الخبرية ، فليس استعمالها في الوجوب أكثر من الندب حتى تحمل عليه مع التجرد عن القرينة» لا يخلو من غموض ، لأنّ النكتة المزبورة صالحة لحمل الجمل الخبرية على الوجوب ، ولا يعدل عنها إلّا بدليل.
فالمتحصل : أنّ البعث الّذي لا ينفك عن الوقوع هو البعث الحتمي ، لعدم الملازمة بين البعث الندبي ـ ولو إلى العبد المنقاد ـ وبين الوقوع ، فما لم تنهض قرينة على إرادة الندب كما في قوله عليه الصلاة والسّلام : «لا ينام المسلم وهو جنب إلّا عن وضوء» يحمل على الوجوب.
(١) الغرض من عقد هذا المبحث هو : أنّه إذا لم يثبت وضع صيغة الأمر للوجوب ، لضعف أدلته وعدم نهوضها عليه ، فهل تكون ظاهرة فيه لأجل الانصراف أو غيره أم لا؟.
(٢) يعني : كما لا تكون موضوعة للوجوب ، فلا ظهور لها في الوجوب من ناحية الوضع كذلك لا ظهور لها فيه من غير ناحية الوضع أيضا.
(٣) أي : بظهور الصيغة في الوجوب ، لوجوه.
(٤) هذا أوّل الوجوه ، وحاصله : أنّ كثرة استعمال الصيغة في الوجوب أوجبت ظهورها فيه بحيث تحمل عليه عند الإطلاق.
(٥) هذا ثاني الوجوه ، وحاصله : أنّ كثرة وجود الوجوب ـ ولو مع قلة الاستعمال فيه كما إذا استعملت الصيغة في الندب للتأكيد أكثر من استعمالها في الوجوب ـ توجب ظهور الصيغة في الوجوب.