وأمّا (١) إذا كان بمعنى الإتيان بالفعل بداعي حسنه أو كونه ذا مصلحة أو له تعالى ، فاعتباره (٢) في متعلق الأمر وان كان بمكان من الإمكان (*) ، إلّا أنّه غير
______________________________________________________
(١) معطوف على قوله : «ان كان بمعنى قصد الامتثال» في صدر المقدمة الثانية ، وحاصله : أنّ القربة إذا كانت بمعنى حسن الفعل ، أو كونه ذا مصلحة أو محبوبا للمولى ، أو خوفا من النار ، أو طمعا في الجنة ، أو لكونه تعالى شأنه أهلا للعبادة ، أو غير ذلك مما يوجب القرب إليه جل وعلا أمكن أخذها في المأمور به من دون لزوم الدور المذكور في قصد القربة بمعنى امتثال الأمر ، لعدم توقف ما عدا قصد الامتثال من الدواعي القربية على الأمر ، فمحذور الدور مختص بالقربة بمعنى امتثال الأمر ، ولكن ليس ذلك معتبرا فيه قطعا ، لأنّ جواز الاقتصار على الإتيان بداعي الأمر يكشف عن تعلق الأمر بنفس الفعل ، وعدم دخل تلك الدواعي في الغرض فضلا عن دخلها في المأمور به ، وإلّا لم يمكن الإتيان بداعي الأمر المتعلق بذات الشيء.
(٢) أي : التقرب ، فيكون التقرب حينئذ من الانقسامات الأوّلية التي يرجع فيها إلى إطلاق الخطاب.
__________________
(*) بل ممتنع أيضا ، لأنّ داعي المصلحة أو الحسن مثلا إذا كان مقوِّما للمصلحة أو الحسن لزم خلوُّ الفعل عنهما ، فكيف يمكن الإتيان به بهذا الداعي؟
فلا فرق في الامتناع بين قصد امتثال الأمر وبين سائر الدواعي. إلّا أن يقال : إنّ هذا الإشكال مندفع بعدم خلوِّ الفعل عن المصلحة والحسن وغيرهما ، لأنّه إنّما يلزم بناء على كون قصد المصلحة ونحوها جزءا ، لكونه حينئذ بعض ما تقوم به المصلحة ، وأمّا بناء على الشرطية ـ كما هو المفروض ـ فلا يلزم ذلك أصلا ، لقيام المصلحة بالأجزاء ، والشرط إنّما يكون دخيلا في فعلية المصلحة ، وعليه فلا مانع من إتيان الفعل بداعي ما فيه من المصلحة أو الحسن أو غيرهما.