والتنوين لا يدل إلّا على الماهية على ما حكاه السكاكي لا يوجب (١) كون النزاع هاهنا في الهيئة كما في الفصول ، فإنّه غفلة وذهول عن أنّ كون المصدر كذلك (٢)
______________________________________________________
حيث هو أو على الفرد المنتشر بغير المصدر» انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه. وملخص مرام الفصول : أنّ مصبّ النزاع في دلالة الصيغة على المرة أو التكرار هو نفس الهيئة ، دون المادة ، فإنّها خارجة عن حريم هذا النزاع ، لاتفاق أهل العربية على أنّ المصدر الّذي هو مادة صيغة الأمر لا يدلّ إلّا على نفس الماهية ، فنزاع المرة والتكرار يختص بالهيئة ولا يجري في المادة.
(١) خبر ـ أنّ ـ في قوله : «ان الاتفاق» وردّ لكلام الفصول ، وحاصله : أنّ الاتفاق المزبور لا يوجب اختصاص النزاع في المرة والتكرار بالهيئة ، وذلك لعدم دلالة هذا الاتفاق على كون مادة المشتقات ذلك المصدر ، بل يمتنع كونه مادة لها ، لأنّ الّذي يدل على الماهية من حيث هي هو المصدر بمادته وهيئته بحيث يكون للهيئة المصدرية دخل في المعنى ، ومن المعلوم : أنّ المصدر المؤلّف من المادة والهيئة ليس مادة للمشتقات ومبدأ لها ، بداهة مغايرة هيئة المصدر لهيئات المشتقات من الفعل الماضي والمضارع والأمر وغيرها من المشتقات ، وكذا معنى المصدر مباين لمعنى المشتق ، لما مرّ في مبحث المشتق من إبائه عن الحمل ، بخلاف المشتق ، فإنّه غير آب عن الحمل. فالمتحصل : أنّ المصدر ليس مادة للمشتقات ومبدأ لها ، فحينئذ يمكن تصوير النزاع في دلالة الصيغة على المرة أو التكرار في ناحية المادة لا الهيئة ، والغرض إثبات مجرد الإمكان في مقابل الفصول الّذي خص النزاع بالهيئة ، وأخرج المادة عن حريمه.
وبالجملة : فالمصدر صيغة برأسها ، وله مادة وهيئة.
(٢) أي : دالا على الماهية مع تجرده عن اللام والتنوين.