المأمور بها ، فلا دلالة لها (١) على أحدهما (٢) لا بهيئتها ولا بمادتها (٣) ، والاكتفاء (٤) بالمرة فإنّما (٥) هو لحصول الامتثال بها في الأمر بالطبيعة ، كما لا يخفى. ثم لا يذهب عليك (٦) أنّ الاتفاق على أنّ المصدر المجرّد عن اللام
______________________________________________________
(١) أي : الصيغة.
(٢) أي : المرة والتكرار.
(٣) قد عرفت تقريب عدم دلالة الصيغة مادة وهيئة على المرة والتكرار.
(٤) إشارة إلى توهم ، وهو : أنّ الاكتفاء بالمرة في مقام الإطاعة كاشف عن دلالة الصيغة على المرة.
(٥) هذا دفع التوهم المزبور ، وحاصله : أنّ الاكتفاء بالمرة في تحقق الامتثال ليس لأجل دلالة الصيغة عليها ، بل لحكم العقل ، حيث إنّ انطباق الطبيعي على فرده قهري ، فيوجد الطبيعي المأمور به بفرده جزما ، فيحكم العقل بالإجزاء ، لأنّ المطلوب إيجاد الطبيعة الواقعة في حيِّز الطلب ، وقد حصل ذلك بأوّل وجودها ، لانطباق المأمور به عليه قهرا ، فلا بد حينئذ من الالتزام بالإجزاء ، وإلّا فلا يحصل الإجزاء بسائر الأفراد أيضا ، لاتحاد حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز.
(٦) الغرض من هذا الكلام ردّ صاحب الفصول (قده) ، ولا بأس بنقل كلامه أوّلا ، ثم بيان إشكال المصنف (قده) عليه ثانيا ، قال في أوّل هذا الفصل ما لفظه : «الحق أنّ هيئة الأمر لا دلالة لها على المرة ولا التكرار .. إلى أن قال : وإنّما حرّرنا النزاع في الهيئة ، لنص جماعة عليه ، ولأنّ الأكثر حرّروا النزاع في الصيغة ، وهي ظاهرة بل صريحة فيها ، ولأنّه لا كلام لنا في أنّ المادة وهي المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا تدلّ إلّا على الماهية من حيث هي على ما حكى السكاكي وفاقهم عليه ، وخصّ نزاعهم في أنّ اسم الجنس هل يدل على الجنس من