والمحقق الطوسي (١) من مصيرهما إلى أنّ الدلالة تتبع الإرادة (٢) فليس ناظراً إلى كون الألفاظ موضوعة للمعاني بما هي مرادة (٣) كما توهمه بعض الأفاضل (٤) ، بل ناظر إلى أنّ دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية (٥) أي دلالتها على
______________________________________________________
(١) وهو نصير الدين الطوسي قدسسره الملقب بأُستاذ البشر.
(٢) كما حكي هذا عن غيرهما من أكثر المحققين من علماء المعقول والمنقول.
(٣) بحيث تكون الإرادة شطراً أو شرطاً للمعنى الموضوع له.
(٤) وهو صاحب الفصول (قده) قال فيما حكى عنه : «والظاهر أنّ ما حُكي عن الشيخ الرئيس والمحقق الطوسي من مصيرهما إلى أنّ الدلالة تتبع الإرادة ناظر إلى هذا ، وتحقيقه : أنّ اختصاص الوضع بالمعنى الّذي تعلق به إرادة اللافظ يوجب انتفاءه عند انتفائه ، فتنتفي الدلالة المستندة إليه» انتهى.
(٥) توضيح ما أفاده المصنف (قده) في محمل كلام العلمين هو : أنّ للكلام الصادر من المتكلم دلالتين :
(إحداهما) تصورية ، وهي خطور المعنى في الذهن بمجرد سماع اللفظ ، وهذه الدلالة قهرية لا تتوقف على غير العلم بالوضع.
و (ثانيتهما) تصديقية ، وهي كون المعنى المتحصل من الكلام بعد انضمام القرائن إلى المعاني الإفرادية مراداً للمتكلم ، وهذه الدلالة تتوقف على إرادة المتكلم لمضمون كلامه ، فإذا قال : «البيع حلال» مثلا لا يصح أن يسند إرادته لهذه الجملة إليه إلّا بعد إحراز كونه في مقام بيان مراده ، نعم يصح إسناد مضمون الجملة إليه ، بأنْ يقال : إنّ المتكلم قال بحلية البيع ، وأمّا كونه مراداً له ، فهو مبني على الإحراز المزبور ليدل الكلام على أنّ مضمونه مقصود له ، لا أنّه تكلم به تقية مثلا.