فإنّه (١) لو لا الثبوت في الواقع لما كان للإثبات والكشف والدلالة مجال ،
______________________________________________________
(١) هذا تقريب التبعية ، فإنّ ترتب مقام الكشف والإثبات على مقام الثبوت بمكان من الوضوح.
__________________
عقلائي ، فلو لم تكن التبعية ثابتة لم يكن وجه لهذه الإناطة. (وتوهم) كون الدلالة الوضعيّة تابعة للإرادة ، لأجل ضيق دائرة الغرض من الوضع ـ وهو تفهيم المعنى المقيد بإرادته دون المعنى المطلق ـ وضيق الغرض يسري إلى دائرة الوضع ، فلا يبقى له إطلاق يعم صورة عدم الإرادة ، وعليه فالدلالة تابعة للإرادة دائماً (مدفوع) بمنع كون الغرض من الوضع تفهيم المعنى المراد بحيث يكون الإرادة قيداً للمعنى ، بل الغرض الداعي إلى الوضع هو إيجاد علقة وربط بين اللفظ والمعنى ، لينتقل الذهن بمجرد سماع اللفظ إلى المعنى انتقالا تصورياً ولو كان صادراً من لافظ غير ذي شعور ، هذا. مضافاً إلى : أنّ الداعي خارج عن حيّز الموضوع له وغير موجب لتقيده كما لا يخفى. ومثله في الضعف ما يقال من : «أنّ الدلالة ليست مطلق التفات النّفس إلى المعنى ، بل هو التفات مخصوص ، وهو التفات النّفس إلى المعنى ، من جهة أنّه هو الّذي صار للمتكلم داعياً إلى التكلم لأجل الإعراب عما في الضمير ، وهذه لا يتصور فيها الانقسام إلى التصورية والتصديقية» انتهى. توضيح وجه الضعف : أنّ إنكار دلالة اللفظ للعالم بالوضع على ذات معناه مجردة عن الجهة التي صارت داعيه للمتكلم إلى التكلم خلاف الوجدان ، فإنّ حقيقة الدلالة هي إخطار المعنى في ذهن السامع ، ولا ريب في أنّ سماع اللفظ يوجب ذلك ، والجهة الداعية إلى إلقاء الكلام من الجهات التعليلية للتكلم دون التقييدية ، وهي خارجة عن حيّز المعنى ، ولا دخل لها في الدلالة أصلا ، فما أُفيد لا يتم في الدلالة التصورية ، وإنّما يتم في التصديقية كما اعترف به القائل ، فصحّ انقسام الدلالة إلى التصورية والتصديقية.