.................................................................................................
______________________________________________________
الأفعال بواسطة أمر مباين وهي المصالح والمفاسد (عدل) المصنف وصاحب الفصول (قدهما) دفعاً لهذا المحذور عن تفسير القوم إلى أن الملاك في العرض الذاتي هو كون العارض محمولا حقيقة على المعروض بحيث يعد من إسناد الشيء إلى ما هو له ولا يصح سلبه عنه كقولنا : «الماء جار» فإن لم يكن كذلك فهو عرض غريب كإسناد الحركة إلى جالس السفينة. إذ الحركة تحمل على السفينة حقيقة وعلى الجالس مجازاً ، ولذا يصح سلبها عنه ، فالواسطة في العروض هي الواسطة في الحمل.
والحاصل أن العرض إن كان محمولاً على المعروض حقيقة بحيث لا يصح سلبه عنه يسمى بالعرض الذاتي سواء كان هناك واسطة ثبوتية أم لا كما قيل (*) وسواء كانت الواسطة جزء أعم كالحيوان الّذي هو أعم من الإنسان وواسطة لعروض الحركة الإرادية له ، أم مبايناً كالنار التي هي مباينة للماء وواسطة في عروض الحرارة له ، مع أنّ العروض لأمر مباين بناءً على تفسير القوم داخل في العرض الغريب كما مر آنفاً ، ولجزء أعم محل الخلاف بينهم وإن نسب كونه عرضاً ذاتياً إلى المشهور.
وبالجملة ينحل (**) إشكال خروج مسائل جملة من العلوم عن كونها مسائلها
__________________
(*) لكنه مساوق لوجود المعلول بلا علة وهو ممتنع ، فعروض العارض بلا واسطة ثبوتية غير معقول ، ولا بد من التأمل في كلماتهم ، فلاحظ ولا تغفل.
(**) ويمكن حلّه بأن يقال : إنّ موضوع العلم هو ما يبحث فيه عن أحواله وأوصافه سواء كانت عرضاً مصطلحاً أم أمراً اعتبارياً كالأحكام الشرعية العارضة لأفعال المكلفين ، لعدم انطباق حدّ العرض عليها ، حيث إنّ العرض يوجد بوجود موضوعه والحكم يسقط بوجود موضوعه ، لتحقق الامتثال المسقط له ، فالعرض الذاتي هو كل محمول يحمل حقيقة على الموضوع بحيث لا يصح سلبه عنه وإن لم ينطبق على المحمول حدّ العرض المصطلح ، فتأمّل.