عليه (١) من باب المجاز في الكلمة ، بل من باب الحقيقة ، وأنّ التصرف فيه في أمر عقلي ـ كما صار إليه السكاكي ـ واستعلام حال اللفظ ، وأنّه حقيقة أو مجاز في هذا
______________________________________________________
الثاني وهو كونه من مصاديقه كقولنا : «زيد ليس بحجر» ، فإنّ صحة هذا السلب علامة أنّ الموضوع ليس نفس معنى الحجر ولا من أفراده ، وإلّا لم يصح السلب وكان الحمل صحيحاً.
(١) يعني : وإن لم نقل بأنّ صحة هذا السلب ـ أعني سلب لفظ الأسد مثلا عن معنى كالرجل الشجاع ـ يوجب أن يكون حمله عليه ـ لو حمل عليه أحياناً ـ من باب المجاز في الكلمة كما هو مذهب المشهور ، بل قلنا : بأنّه من باب الحقيقة كما هو مذهب السكاكي. وغرضه من هذه العبارة دفع توهم ، وملخصه : أنّ صحة السلب إنّما تكون علامة للمجاز بناءً على مسلك المشهور من تسليم المجاز في الكلمة ، دون مسلك السكاكي من إنكار المجاز في الكلمة ، وادّعاء أنّ إطلاق اللفظ على المعنى في جميع الموارد إنّما هو على نحو الحقيقة ، وأنّ المجاز إنّما هو في الإسناد والأمر العقلي. ومحصل دفعه : أنّه لا فرق في علامية صحة السلب للمجاز بين مسلكي المشهور والسكاكي ، ضرورة صحة سلب لفظ ـ الأسد ـ بمعناه المرتكز في الذهن عن الرّجل الشجاع ، بأن يقال : «الرّجل الشجاع ليس بأسد» ، فيكون الرّجل الشجاع حينئذٍ معنى مجازياً للأسد عند المشهور وان كان حقيقة ادّعائية عند السكاكي ، فصحة السلب عنده علامة عدم كون المعنى المسلوب معنى حقيقياً وان كان الاستعمال حقيقة بنحو من الادّعاء ، والغرض من كون صحة السلب علامة هو معرفة كون المسلوب عنه غير المعنى الموضوع له حقيقة سواء كان الاستعمال فيه على نحو الحقيقة ادّعاءً كما هو مذهب السكاكي ، أم المجاز كما هو مذهب المشهور.