ولما كثر العسكر المذكور بمكة نصبوا بيارقهم (١) في المسجد الشريف من باب السلام إلى باب علي ، فشكى الناس ذلك إلى الشيخ محمد بن عراق ، فجلس الشيخ في المسجد ، ودعى الأمير خير الدين (٢) ، وبعض رؤساء العسكر ، ونهرهم ، وأمرهم بالخروج من بيوت الناس ، فأكبوا على رجليه يقبلونها (٣). وقالوا : «مقصودنا الحج (٤) ونتوجه» (٥).
فقال لهم الشيخ : «اذهبوا إلى منى ، فإن بها دورا (٦) خالية ، فاسكنوها». فامتثلوا أمره ، وخرجوا إلى منى ، وقتلوا بعض المفسدين منهم امتثالا لأمر الشيخ محمد (٧).
وكان ذلك بإشارة من النبي صلىاللهعليهوسلم للشيخ ، فإنه كان بالمدينة ،
__________________
(١) بيارقهم : أي أعلامهم الكبيرة ، مفردها بيرق وهي كلمة معربة. انظر : المعجم الوسيط ١ / ٧٨.
(٢) هو خير الدين حمزة سنجق سلطاني أرسله والي مصر الوزير الأعظم إبراهيم باشا مع سلمان الريس سنة ٩٣٢ ه لفتح اليمن وتأديب البرتغال في الهند فلما فتحا اليمن استقل بها سلمان الريس دونه فأضمر خير الدين الشر له ، ففتك به سنة ٩٣٤ ه فقام بالأمر بعده ولد أخته مصطفى بك بن بيرم الذي أخذ بثأره وقتل خير الدين. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٤٢ ـ ٥٤.
(٣) هذا دليل احترام المسلمين في ذلك الزمن لعلمائهم وتأثير العلماء عليهم.
(٤) في (ب) «بالحج» ، وفي (ج) «قصدنا أن نمكث إلى الحج».
(٥) أي إلى غزو الفرنج. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٤٤.
(٦) في (أ) «دور» والاثبات من بقية النسخ.
(٧) في النهروالي ـ البرق اليماني ٤٤ : «أن الأتراك امتثلوا أمر الشيخ فقبضوا على جماعة من مفسديهم ثم انتقلوا إلى منى».