وهو حافظ متقن ، له في الحديث والأدب تصانيف ، وله كتاب في متخير الأشعار سماه «قطع الرياض» وتكلمة الصّلة لابن بشكوال ، و «هداية المعترف ، في المؤتلف والمختلف» وكتاب التاريخ ، وبسببه قتله صاحب إفريقية ، وأحرقت كتبه على ما بلغنا ، رحمه الله تعالى! وله «تحفة القادم ، في شعر الأندلس» و «الحلة السيراء ، في أشعار الأمراء».
ومن شعره قوله : [بحر مجزوء الكامل]
أمري عجيب في الأمور |
|
بين التواري والظهور |
مستعمل عند المغ |
|
يب ومهمل عند الحضور |
وسبب هذا أن ملك تونس كان إذا أشكل عليه شيء أو ورد عليه لغز أو معمّى أو مترجم بعث به إليه ، فيحله ، وإذا حضر عنده لا يكلمه ولا يلتفت إليه ، ووجد في تعاليقه ما يشين دوله صاحب تونس ، فأمر بضربه ، فضرب حتى مات ، وأحرقت كتبه ، رحمه الله تعالى! وكان أعداؤه يلقبونه بالفار ، وحصلت بينه وبين أبي الحسن علي بن شلبون المعافري البلنسي مهاجاة ، فقال فيه : [بحر الكامل]
لا تعجبوا لمضرة نالت جمي |
|
ع الناس صادرة عن الأبار |
أو ليس فارا خلقة وخليقة |
|
والفار مجبول على الإضرار |
فأجابه ابن الأبار : [بحر الكامل]
قل لابن شلبون مقال تنزه |
|
غيري يجاريك الهجاء فجار |
(إنا اقتسمنا خطّتينا بيننا |
|
فحملت برّة واحتملت فجار) (١) |
وهذا مضمن من شعر النابغة الذبياني ، انتهى ما لخصناه من كلام ابن سعيد في حقه.
ومن شعر ابن الأبار أيضا : [بحر الكامل]
لو عنّ لي عون من المقدار |
|
لهجرت للدار الكريمة داري |
وحللت أطيب طيبة من طيبة |
|
جارا لمن أوصى بحفظ الجار |
حيث استبان الحق للأبصار |
|
لما استتار حفائظ الأنصار (٢) |
__________________
(١) البيت من شعر النابغة الذبياني من قصيدة مطلعها :
نبّئت زرعة والسفاهة كاسمها |
|
يهدي إليّ غرائب الأشعار |
وبرّة : اسم للبر. وفجار : اسم للفجور. (انظر ديوان النابغة ط صادر / بيروت ص ٥٩).
(٢) حفائظ : جمع حفيظة ، وهي الغضب والحمية.