محمود بن ملك شاه سنة ٥٢١ ، وأنشأ له في معسكره مارستانا ينقل على أربعين جملا ، فكان طبيبه ، ثم عاد إلى دمشق ومات بها سنة ٥٤٩ ، ودفن بباب الفراديس ، وكان ذا معرفة بالأدب والطب والهندسة ، وله ديوان شعر سماه «نهج الوضاعة ، لأولي الخلاعة» ذكر فيه جملة شعراء كانوا بمدينة دمشق كطالب الصوري ونصر الهيتي وغيرهما كعرقلة ، وفيه نزهات أدبية ، ومفاكهات غريبة ، ممزوج جدها بسخفها ، وهزلها بظرفها ، ورثى فيه أنواعا من الدواب وأنواعا من الأثاث وخلقا من المغنين والأطراف ، وشرح هذا الديوان ابنه الحكيم الفاضل أبو المجد محمد بن أبي الحكم الملقب بأفضل الدولة ، وكان كثير الهزل والمداعبة ، دائم اللهو والمطايبة ، وكان إذا أتاه الغلام وما به شيء فيجس نبضه ثم يقول له : تصلح لك الهريسة ، وكان أعور فقال فيه عرقلة : [بحر السريع]
لنا طبيب شاعر أعور |
|
أراحنا من طبّه الله |
ما عاد في صبحة يوم فتى |
|
إلا وفي باقيه رثّاه |
وله أيضا يرثيه : [بحر البسيط]
يا عين سحّي بدمع ساكب ودم |
|
على الحكيم الذي يكنى أبا الحكم (١) |
قد كان لا رحم الرحمن شيبته |
|
ولا سقى قبره من صيّب الدّيم |
شيخا يرى الصلوات الخمس نافلة |
|
ويستحلّ دم الحجاج في الحرم |
ومن كنايات أبي الحكم المستحسنة قوله : [بحر الوافر]
ألم ترني أكابد فيك وجدي |
|
وأحمل منك ما لا يستطاع |
إذا ما أنجم الجوّ استقلت |
|
ومال الدلو وارتفع الذراع |
ومن شعره قوله : [بحر السريع]
محاسن العالم قد جمعت |
|
في حسنه المستكمل البارع |
(وليس لله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في الجامع) (٢) |
٢٦٦ ـ ومنهم أبو الربيع سليمان بن إبراهيم بن صافي ، الغرناطي ، القيساني.
وقيسانة من عمل غرناطة.
__________________
(١) سحّي : اذرفي الدمع غزيرا.
(٢) البيت كله لأبي نواس ما عدا قافيته.