لجدير أن يرحل منه ، فخرج وقدم ديار مصر ، وسمع بها الحديث ، وكان فاضلا نبيلا ، ومن شعره : [بحر الطويل]
أتنكر أن يبيضّ رأسي لحادث |
|
من الدهر لا يقوى له الجبل الراسي |
وكان شعارا في الهوى قد لبسته |
|
فرأسي أميّ وقلبي عباسي |
قلت : لو قال «شيبي» لكان الغاية.
وأنشد له بعضهم : [بحر الطويل]
فلا تعجبا ممن عوى خلف ذي علا |
|
لكل عليّ في الأنام معاويه |
قلت : لا يخفى ما فيه من عدم سلوك الأدب مع الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ويرحم الله بعض الأندلسيين حيث قال في رجز كبير : [بحر الرجز]
ومن يكن يقدح في معاويه |
|
فذاك كلب من كلاب عاويه |
وأنشد أبو حيان للمذكور : [بحر المتقارب]
أرى الدهر ساد به الأرذلو |
|
ن كالسّيل يطفو عليه الغثا (١) |
ومات الكرام وفات المديح |
|
فلم يبق للقول إلا الرثا (٢) |
وأنشد له أيضا : [بحر الخفيف]
لولا ثلاث هن والله من |
|
أكبر آمالي في الدنيا |
حج لبيت الله أرجو به |
|
أن يقبل النية والسعيا |
والعلم تحصيلا ونشرا إذا |
|
رويت أوسعت الورى ريا |
وأهل ود أسأل الله أن |
|
يمتع بالبقيا إلى اللقيا |
ما كنت أخشى الموت أنّى أتى |
|
بل لم أكن ألتذ بالمحيا (٣) |
وقال أبو حيان في هذه المادة : [بحر الطويل]
أما إنه لولا ثلاث أحبها |
|
تمنيت أني لا أعدّ من الأحيا |
__________________
(١) الغثا : أصله الغثاء ـ وهو ما يجرفه السيل من أوراق وطحالب ، ويطفو على وجه الماء. وفي الحديث الشريف عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أو من قلة نحن يا رسول الله؟ فقال : «لا ولكن غثاء كغثاء السيل».
(٢) الرثا : أصله الرثاء ، ممدود.
(٣) أنّى أتى : من أين أتى.