أرى الشام مذ فارقتها زال نورها |
|
وثوب بهاها والنضارة يخلق (١) |
إذا غبت عنها غاب عنها جمالها |
|
ونفس بدون الروح لا تتحقق |
وإن عدت فيها عاد فيها كمالها |
|
وصار عليها من بهائك رونق |
فيا ساكني وادي دمشق مزاركم |
|
بعيد وباب الوصل دوني مغلق |
وليس على هذا النوى لي طاقة |
|
فهل من قيود البين والبعد أطلق |
وإني إلى أخباركم متشوّف |
|
وإني إلى لقياكم متشوق |
أود إذا هب النسيم لنحوكم |
|
بأني في أذياله أتعلّق |
وأصبو لذكراكم إذا هبت الصّبا |
|
لعلي من أخباركم أتنشق |
ولي أنّة أودت بجسمي ولوعة |
|
ونار جوى من حرها أتفلق (٢) |
فحنّوا على المضنى الذي ثوب صبره |
|
إذا مسه ذيل الهوى يتمزق (٣) |
غريب بأقصى مصر أضحت دياره |
|
ولكنّ قلبي بالشآم معلّق |
وقد نسخ التبريح جسمي فهل إلى |
|
غبار ثرى أعتاب وصل يحقّق |
فيا ليت شعري هل أفوز بروضة |
|
وفيها عيون النرجس الغض تحدق |
وأنظر واديها وآوي لربوة |
|
وماء معين حولها يتدفق |
ويحلو لي العيش الذي مر صفوه |
|
وهل عائد ذاك النعيم المروّق |
وأنظر ذاك الجامع الفرد مرة |
|
وفي صحنه تلك الحلاوة تشرق |
وأصحابنا فيه نجوم زواهر |
|
ونور محيّا وجههم يتألق |
فلا برحوا في نعمة وسعادة |
|
وعز ومجد شأوه ليس يلحق (٤) |
وقال ابن عنين : [بحر الكامل]
ما ذا على طيف الأحبة لو سرى |
|
وعليهم لو ساعدوني بالكرى |
جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا |
|
والله يعلم أن ذلك مفترى |
يا معرضا عنى بغير جناية |
|
إلا لما نقل العذول وزوّرا |
هبني أسأت كما تقول وتفتري |
|
وأتيت في حبّيك شيئا منكرا |
__________________
(١) يخلق : يبلى ، يرثّ.
(٢) أتفلق : أتشقق.
(٣) المضنى : المتعب.
(٤) شأوه : شأنه ومكانته.