صلوا لحد قبري بالطريق وودّعوا |
|
فليس لمن وارى التراب حبيب (١) |
ولا تدفنوني بالعراء فربما |
|
بكى أن رأى قبر الغريب غريب (٢) |
واسم أبي علي إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سليمان ، وجدّه سليمان مولى عبد الملك بن مروان ، وكان أبو علي أحفظ أهل زمانه باللغة والشعر ونحو البصريين ، وأخذ الأدب عن أبي بكر بن دريد الأزدي وأبي بكر بن الأنباري وابن درستويه وغيرهم ، وأخذ عنه أبو بكر الزبيدي الأندلسي صاحب «مختصر العين». ولأبي علي التصانيف الحسان ك «الأمالي» و «البارع» ، وطاف البلاد ، وسافر إلى بغداد سنة ٣٠٣ ، وأقام بالموصل لسماع الحديث من أبي يعلى الموصلي ، ودخل بغداد سنة ٣٠٣. وأقام بها إلى سنة ٣٢٨ ، وكتب بها الحديث ، ثم خرج من بغداد قاصدا الأندلس ، وسمع من البغوي وغيره.
وقال ابن خلّكان : ودخل قرطبة لثلاث بقين من شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة ، انتهى.
وهو ممّا يعين أنه قدم في زمن الناصر ، لا في زمن ابنه الحكم كما تقدّم ، وقد صرّح بذلك الصفدي في الوافي فقال : ولما دخل المغرب قصد صاحب الأندلس الناصر لدين الله عبد الرحمن ، فأكرمه ، وصنّف له ولولده الحكم تصانيف وبثّ علومه هناك ، انتهى.
وقال ابن خلّكان إنه استوطن قرطبة إلى أن توفي بها في شهر ربيع الآخر ، وقيل : جمادى الأولى سنة ٣٥٦ ، ليلة السبت لستّ خلون من الشهر المذكور ، ودفن ظاهر قرطبة ، ومولده بمنازجرد (٣) من ديار بكر سنة ٢٨٨ ، وقيل : سنة ٢٨٠.
وإنما قيل له «القالي» لأنه سافر إلى بغداد مع أهل قاليقلا ، وهي من أعمال ديار بكر.
وهو من محاسن الدنيا ، رحمه الله تعالى!
وعيذون : بفتح العين ، وسكون الياء المثناة التحتية ، وضمّ الذال المعجمة.
__________________
(١) صلوا لحد قبري بالطريق : أي اجعلوا قبري متصلا بالطريق ليراه المارّة.
(٢) العراء : الأرض المقفرة.
(٣) جاء في معجم البلدان : «منازجرد ، وأهله يقولون : منازكرد : بلد مشهور بين خلاط وبلاد الروم يعد في أرمينية ، وأهله أرمن وروم ، وإليه ينسب الوزير أبو نصر المنازي ، وكان فاضلا أديبا جيد الشعر ، وكان وزيرا لبعض آل مروان ملوك ديار بكر ، ومات في سنة ٤٣٧» اه .. وابن خلكان ينص على أن «منازجرد» غير «منازكرد» القلعة التي من أعمال خلاط ، فانظره في آخر الترجمة رقم ٥٨ في ١ / ١٢٦ تحقيق محيي الدين عبد الحميد.