وأوقد النار الحربية من طرابلس إلى تونس مع ابن غانية اللّمتوني ، وحديثه مشهور ، وتمام الأبيات :
الله يعلم أني ما دعوتكم |
|
دعاء ذي قوة يوما فينتقم |
ولا لجأت لأمر يستعان به |
|
من الأمور وهذا الخلق قد علموا |
لكن لأجزي رسول الله عن نسب |
|
ينمى إليه وترعى تلكم الذّمم |
فإن أتيتم فحبل الوصل متّصل |
|
وإن أبيتم فعند السيف نحتكم |
ثم قال السرخسي : وبلغني أنّ قوما من الغرباء قصدوه ، ومعهم حيوانات معلّمة منها أسد وغراب ، أما الأسد فيقصده من دون أهل المجلس ، ويربض (١) بين يديه ، وربما أومأ بالسجود ومدّ ذراعيه ، وأمّا الغراب فكان يقول : النصر والتمكين لسيدنا أمير المؤمنين ، وفي ذلك يقول بعض الشعراء : [بحر الرمل]
أنس الشبل ابتهاجا بالأسد |
|
ورأى شبه أبيه فقصد (٢) |
أنطق الخالق مخلوقاته |
|
شهدوا والكلّ بالحقّ شهد |
أنّك الخيرة من صفوته |
|
بعد ما طال على الناس الأمد |
فأعطاهم وكساهم ، وأحسن حباهم.
وبلغني أنّ قوما أتوه بفيل من بلاد السودان هديّة ، فأمر لهم بصلة ، ولم يقبله منهم ، وقال : نحن لا نريد أن نكون أصحاب الفيل (٣).
وقال لي يوما : كيف ترى هذه البلاد؟ وأين هي من بلادك الشامية؟ فقلت : يا سيدنا ، بلادكم حسنة أنيقة مجملة مكملة ، وفيها عيب واحد ، فقال : ما هو؟ فقلت : إنها تنسي الأوطان ، فتبسّم وظهر لي إعجابه بالجواب ، وأمر لي من غد بزيادة رتبة وإحسان.
وحدّثني بعض عمّالهم أنه فرّق على الجند والأمراء والفقراء في عيد سنة أربع وتسعين ثلاثة وسبعين ألف شاة من ضأن ومعز.
__________________
(١) يربض : يجثم ، يبرك.
(٢) الشبل : ولد الأسد. وجمعه : أشبال وأشبل وشبال.
(٣) أراد أنه لا يريد أن يكون ممن تنطبق عليه الآية : (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ).