السودان لغانة ينكر عليه تعويق التجار قوله : نحن نتجاور بالإحسان ، وإن تخالفنا في الأديان ، ونتّفق على السيرة المرضية ، ونتألّف على الرفق على الرعية ، ومعلوم أن العدل من لوازم الملوك في حكم السياسة الفاضلة ، والجور لا تعانيه إلّا النفوس الشريرة الجاهلة ، وقد بلغنا احتباس مساكين التجار ومنعهم من التصرّف فيما هم بصدده ، وتردّد الجلّابة إلى البلد مفيد لسكانها ، ومعين على التمكّن من استيطانها ، ولو شئنا لاحتبسنا من في جهاتنا من أهل تلك الناحية ، لكنّا لا نستصوب فعله ، ولا ينبغي لنا أن ننهي عن خلق ونأتي مثله ، والسلام.
ووقّع إلى عامل له كثرت الشكاوى منه : قد كثرت فيك الأقوال ، وإغضائي عنك رجاء أن تتيقّظ فتنصلح الحال ، وفي مبادرتي إلى ظهور الإنكار عليك نسبة إلى شرّ الاختيار وعدم الاختبار ، فاحذر فإنك على شفا جرف هار (١).
ومن شعره المشهور قصيدة يمدح فيها ابن عمه المنصور يعقوب : [بحر الكامل]
هبّت بنصركم الرياح الأربع |
|
وجرت بسعدكم النجوم الطّلّع |
واستبشر الفلك الأثير تيقّنا |
|
أنّ الأمور إلى مرادك ترجع |
وأمدّك الرحمن بالفتح الذي |
|
ملأ البسيطة نوره المتشعشع |
لم لا وأنت بذلت في مرضاته |
|
نفسا تفدّيها الخلائق أجمع |
ومضيت في نصر الإله مصمّما |
|
بعزيمة كالسيف بل هي أقطع |
لله جيشك والصوارم تنتضى |
|
والخيل تجري والأسنّة تلمع (٢) |
من كلّ من تقوى الإله سلاحه |
|
ما إن له غير التوكّل مفزع |
لا يسلمون إلى النوازل جارهم |
|
يوما إذا أضحى الجوار يضيّع (٣) |
ومنها يصف انهزام العدوّ :
إن ظن أنّ فراره منج له |
|
فبجهله قد ظنّ ما لا ينفع |
أين المفرّ ولا فرار لهارب |
|
والأرض تنشر في يديك وتجمع |
أخليفة الله الرضا هنّيته |
|
فتح يمدّ بما سواه ويشفع (٤) |
__________________
(١) انظر الآية ١٠٣ من سورة آل عمران.
(٢) تنتضى : تستلّ.
(٣) النوازل : الكوارث والمصائب.
(٤) في الديوان : «فتح يمد بمثله ويشفع». وشفع العدد : جعله شفعا أي زوجا.