سماء المجد بجمال المشتري وظرف عطارد ، ومتى نعتناه فالخبر ليس كالعيان ، ومتى شبّهناه فالتمويه بالشبه عقوق العقيان ، ومن يفضح قريحته بأن يقول لها صفيه ، لكن يعرف عن نفسه بما ليس في وسع واصفيه ، ويقتضي من عزيمة برّه ما لا سعة للمترخص فيه ، إن شاء الله تعالى ، وهو يديم علاكم ، ويحرس مجدكم وسناكم ، بمنّه ، والسلام الكريم ، الطيب العميم ، يخصّكم به معظّم مجدكم ، المعتدّ بذخيرة ودّكم ، المحافظ على كريم عهدكم ، ابن عميرة ، ورحمة الله تعالى وبركاته ، في الرابع والعشرين لربيع الآخر من سنة ٦٣٩ انتهى.
ونصّ الثاني : [بحر المنسرح]
هل لك يا سيدي أبا الحسن |
|
فيمن له كلّ شاهد حسن |
في الشرف المنتقى له قدم |
|
أثبتها بالوصيّ والحسن |
أيها الأخ الذي ملّكته قيادي ، وأسكنته فؤادي ، عهدي بك تعتام (١) الآداب النقية ، وتشتاق اللطائف المشرقية ، وتنصف فترى أنّ في سيلنا جفاء ، وفي مغربنا جفاء ، وأنّ المحاسن نبت أرض ما بها ولدنا ، وزرع واد ليس ممّا عهدنا ، وأنا في هذا أشايعك وأتابعك ، وأناضل من ينازلك وينازعك ، وقد أتانا الله تعالى بحجّة تقطع الحجج ، وتسكت المهج ، وهو الشريف الأجلّ ، السيد المبارك نجم الدين بن مهذب الدين نجم الذية المختارة ، ونجم الدرية السيارة ، جرى مع زعزع ونسيم ، ورتع في جميم وهشيم (٢) ، وشاهد عجائب كل إقليم ، وشرّق إلى مطلع ابن جلا (٣) ، وغرّب حتى نزل بشاطئ سلا ، وقد توجّه الآن إلى حضرة الإمامة الرشيدية أيّدها الله تعالى لينتهي من أصابع العدّ إلى العقدة ، ويحصل من مخض (٤) الحقيقة على الزّبدة ، وقد علم أنه ما كلّ الخطب كخطبة المنبر ، ولا جميع الأيام مثل يوم الحجّ الأكبر ، وأدبه يا سيدي من نسبه أفقه ، بل على شكل حسبه وخلقه ، فإذا رأيته شهدت بأنّ الشرق قد أتحف إفريقية ببغداده ، بل رمانا بجملة أفلاذه ، والحظّ فيما يجب من بره وتأنيسه ، إنما هو في الحقيقة لجليسه ، فيا غبطة من يسبق لجواره ، ويقبس من أنواره ، وأنت لا محالة تفهمه فهمي ، وتشيم من شيمه عارضا بريّ القلوب الهيم يهمي ، وتضرب في الأخذ من فوائده وقلائده بسهم وددت أنه سهمي ، والسلام ، انتهى.
__________________
(١) تعتام : تختار.
(٢) الجميم : ما غطى الأرض من النبات. والهشيم : النبات اليابس المتكسر.
(٣) ابن جلا : القمر. وجلا : الشمس.
(٤) في ه : «محض الحقيقة» بالحاء المهملة.