هذي دمشق ، لعمر خلقك ، روضة |
|
قد جاد طبعك دوحها بمعين |
قد زارها غيث الندى فبهارها |
|
أضحى يلوح بحلّة النّسرين |
لو لم تكن بدرا لما أحرزت ما |
|
قد خص في الأنوار بالتلوين |
حققّت ما قد قيل حين حللتها |
|
إن المكان مشرّف بمكين (١) |
هي غادة حلّيتها فتزينت |
|
ما كان أحوجها إلى التزيين |
مولاي أحمد يا سليل بني العلا |
|
يا فوق مدحي فيك أو تحسيني |
أغنى وجودك وهو عين الدّين عن |
|
علّامة الدنيا لسان الدين (٢) |
انظره تستغني به عن غيره |
|
وإلى العيان ارغب عن المظنون |
تلقى علوم الناس في أوراقهم |
|
وعلومه في صدره المشحون |
فبعلمه اعبر كل بحر زاخر |
|
وبفهمه اسبر غامض المخزون |
وبحلمه ارغب عن تحلم أحنف |
|
وبعزمه اصحب بأس ليث عرين |
لما رأيتك فاستقمت لقبلتي |
|
أدعو وأشكر واردات شؤوني |
ألفيت قطرك يمنتي فأفادني |
|
فضل اليمين على اليسار يقيني |
فسقى الحيا للمقّريّ أخي العلا |
|
بلدا بأقصى الغرب جدّ هتون |
بلدا تبينت الهلال بأفقه |
|
ورأيت منه قرة لعيوني |
لو لا هلال الغرب نوّر شرقنا |
|
بتنا بليل الحدس والتخمين (٣) |
يا راحلا رحل الفؤاد بعزمه |
|
رفقا بقلب للوفاء ضمين |
أستودع الله العظيم ، وإنني |
|
مستودع منه أجلّ أمين |
إني أودع يوم بينك مهجتي |
|
وشبيبتي وتصبري وسكوني |
وأعود من توديع وجهك عودة |
|
خلطت يقيني في الهوى بظنون |
حتى كأني قد فقدت تمائما |
|
تقضي علي بحالة المجنون |
وتود نفسي أنها لو حرمت |
|
أبدا سكوني للهوى وركوني |
__________________
(١) المكين : المستقر الثابت.
(٢) لسان الدين : أراد لسان الدين الخطيب.
(٣) الحدس : الظنّ ، التخمين.