فشاهدت عيناي فيها ما ملا |
|
قلبي سرورا إذ بلغت مأملا (١) |
مدينة فياضة الأنهار |
|
فضفاضة الأثواب بالأزهار |
أرجاؤها زاكية العبير |
|
ومدحها يجل عن تعبير |
وجلّ أهليها بحبي دانوا |
|
مع أن مثلي منهم يزدان |
فلاحظوا بالأعين الكليلة |
|
عبدا غدا تقصيره دليله (٢) |
وقابلوا عيبي بما اقتضاه |
|
فضل لهم ربّ الورى ارتضاه |
خصوصا المولى الكبير المعتبر |
|
قرة عين من رآه واختبر |
مفتي الورى في مذهب النعمان |
|
بها الوجيه عابد الرحمن |
ابن عماد الدين من تعيي القلم |
|
أوصافه اللاتي كنور في علم |
حاوي طراف المجد والتّلاد |
|
نال المنى في النفس والأولاد (٣) |
وكنت في مكة قد أبصرت |
|
منه علا عن مدحه قصرت |
جلالة ومحتدا وعلما |
|
ورفعة وسوددا وحلما |
مع التواضع الذي قد زانه |
|
حسن اعتقاد مثقل ميزانه |
فحثّ من في الشام من أخيار |
|
لم يسلكوا مناهج الأغيار |
أن يأخذوا بعض الفنون عني |
|
بما اقتضاه منه حسن الظن |
مع أنني والله لست أهلا |
|
لذاك ، والتصدير ليس سهلا |
وكان من جملتهم أبناؤه |
|
عماد دين قد علا بناؤه |
وصنوه الشهاب من توقدا |
|
فهما وإبراهيم سباق المدى |
وهو الذي قد ابتغى الإجازة |
|
لهم بوعد طالبا إنجازه |
وكتب القصيدة الطنانة |
|
في ذاك لي مهتصرا أفنانه |
وإنهم كحلقة قد أفرغت |
|
دامت لهم آلاء فيض سوّغت |
فلم أجد بدّا من الإجابة |
|
مع كون جهلي سادلا حجاجه |
__________________
(١) ما ملا : أصلها : ما ملأ. حذفت الهمزة تخفيفا. وفي ب : «المأملا».
(٢) الأعين الكليلة : أراد التي تغض عن العيوب. وأخذه من قول الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة |
|
كما أن عين السخط تبدي المساويا |
(٣) الطرف والطريف : المستحدث من المال. التلاد : التليد : القديم الموروث.