[اللطيفة] العلية (١) ، من صدق المحبة ورقّ العبودية ، ولم يزل يزين أفق المجالس بذكركم ، ولا يقتطف عند المحاضرة إلا من زهركم ، ولم ينس حلاوة العيش في تلك الأوقات التي مضت في خدمتكم المحروسة بعناية [الملك] المتعال ، وليالي الأنس التي قيل فيها ، وكانت بالعراق لنا ليال (٢) : [بحر البسيط]
واها لما من ليال هل تعود كما |
|
كانت ، وأيّ ليال عاد ماضيها؟ |
لم أنسها مذ نأت عني ببهجتها |
|
وأي أنس من الأيام ينسيها؟ (٣) |
فنسأل الله تعالى أن يمنّ بالتلاق ، ويفصل مانعة الجمع (٤) بطيّ شقة الفراق ، إن ذلك على الله يسير ، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ، وبعد ، فالمعروض على مسامع سيدي الكريمة ، لا زالت من كل سوء سليمة ، أنه وصلنا مكتوبكم الكريم ، صحبة العم المحب القديم ، فحصل لهذا العبد به جبر عظيم ، وأنس جسيم ، كما شهد بذلك السميع العليم ، فعزمت على ترك الإجابة ، لعدم الإجادة ، ومتى تبلغ الألفاظ المذمومة ما بلغته الألفاظ المقريّة؟ وأين يصل صاحب الزّمر كما قيل إلى الدقات الخليلية؟ ولكنني خشيت من ترك الإجابة توهم نقض ما أبنيه من رق العبودية وصحة الوداد ، ومن انقطاع برق شيخي الذي هو لبيت شرفي العمدة والعماد ، فلزم من ذلك أن كتبت لجنابه الشريف الجواب ، وإن كان خطؤه أكثر من الصواب ، وأرسلته قبل ذلك بعشرة أيام ، ومكتوب هذا العبد صحبته مكتوبان : أحدهما من محبكم شيخ الإسلام المفتي العمادي ، والآخر من محبكم أحمد أفندي الشاهيني ، وهما وبقية أكابر البلدة وأعيانها يبلغونكم السلام التام ، ولا تؤاخذونا في هذا المكتوب فإني كتبته عجلا ، ومن جنابكم خجلا ، دام خيركم على الدوام ، إلى قيام الساعة وساعة القيام ، وحرره يوم الاثنين ١١ من جمادى الثانية سنة ١٠٣٨ ، الفقير الداعي يحيى المحاسني ، انتهى.
ونص الكتاب الثاني من المذكور أسماه الله باسمه سبحانه : مخلصك الذي محض (٥) لك وداده ، ومحبك الذي أسلم لمحبتك قياده ، بل عبدك الذي لا يروم الخروج عن رقّك ،
__________________
(١) في ب : «على ما تشهد الذات العلية».
(٢) هذا صدر بيت هو :
وكانت بالعراق لنا ليال |
|
سرقناهنّ من طيب الزمان |
(٣) نأت : بعدت.
(٤) مانعة الجمع : من اصطلاحات علماء المنطق.
(٥) محض وداده : أخلصه ولم يشبه بشائبة.