عبداكم وتلميذاكم ولداي الشيخان الداعيان الأخوان الشيخ عبد السلام والقاضي نعمان ، فليس لهما وظيفة إلا الدعاء والثناء ، في كل صبح ومساء ، لأن كلا منهما خليفتي ، والاشتغال بالدعاء لسيدي وظيفتي ، ولا يقنعان بتقبيل اليدين الكريمتين ، ولا بد من تقبيل القدمين المباركتين ، وبعد ، فلا ينقضي عجبي من بلاغة كتابكم الشريف الوارد لجناب أخيكم المفتي العمادي حفظكم الله تعالى وإياه! ولا كان من يشناك (١)! وعجبه به أعظم وأكبر ، إذ هو ـ حفظه الله! ـ بفهم كلام سيدي أحق وأجدر ، فلا عدمنا تلك الأنفاس الملكية الفلكية ، من كل منكما إذ هي والله البغية والأمنية ، كما قلت : [بحر الخفيف]
ليس فخري ولا اعتدادي بدهر |
|
غير دهر أراكما من بنيه |
اللهم اختم هذا الكلام ، للقبول التام ، بالصلاة على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين!.
ومن فصول هذا الكتاب ما صورته : أطال الله يا سيدي بقاءك! ولا كان من يكره لقاءك! ورعاك بعين عنايته ووقاك! وأدامك وأبقاك! وضمن لك جزاء الصبر! وعوضك عن مصابك الخير والأجر! ولقد كنت عزمت على أن أجعل في مصاب سيدي بأمه ، متعه الله بعمره وعلمه! ودفع عنه سورة همه وغمه (٢)! قصيدة تكون مرثية ، تتضمن تعزية وتسلية ، فنظرت في مرثية أبي الطيب المتنبي لأمه ، واكتفيت بنظمها ونثرها ، وعقدها وحلها ، وانتخبت قوله منها : [بحر الطويل]
لك الله من مفجوعة بحبيبها |
|
قتيلة شوق غير مكسبها وصما |
ومنها :
ولو لم تكوني ينت أكرم والد |
|
لكان أباك الضخم كونك لي أما |
لئن لذّ يوم الشامتين بيومها |
|
لقد ولدت مني لآنفهم رغما |
فقلت : هذه حال مولانا الراغم لأنوف الأعداء ، المجدد لأسلافه حمدا ومجدا ، القاتل بشوقه لا خطأ ولا عمدا ، ثم إني لما رأيت قوله في مرثية أخت سيف الدولة : [بحر الخفيف]
إن يكن صبري ذي الرزية فضلا |
|
تكن الأفضل الأعز الأجلّا |
أنت يا فوق أن تعزّى عن الأحب |
|
اب فوق الذي يعزّيك عقلا |
__________________
(١) يشناك : يكرهك ويبغضك. وأصله مهموز ويجوز تخفيف الهمز.
(٢) سورة الهم : قوته.