خبر المدرسة الداخلية التي تصدى لها ذلك المولى العظيم ، والسيد الحكيم ، صدر الموالي ، ورونق الأيام والليالي ، سيدي وسندي ، وعمادي ومعتمدي ، الفهامة شيخي أفندي ، المعروف بالعلامة ، حفظه الله ، ووقاه وأبقاه! الذي صدق عليه وعليّ قول الأول : [بحرالمنسرح]
ولي صديق ما مسّني عدم |
|
مذ وقعت عينه على عدمي |
أغنى وأقنى فما يكلفني |
|
تقبيل كف له ولا قدم (١) |
قام بأمري لما قعدت به |
|
ونمت عن حاجتي ولم ينم |
وقول الثاني : [مجزوء الوافر]
صديق لي له أدب |
|
صداقة مثله نسب |
رعى لي فوق ما يرعى |
|
وأوجب فوق ما يجب |
فلو نقدت خلائقه |
|
لبهرج عندها الذهب (٢) |
ولعمري إنه كذلك قد تصدى لحاجتي فقضاها ، ولحجتي فأمضاها ، ولم يكن لي في الروم سواه وسواها ، وما أصنع بالروم ، إذا تخلف عني ما أروم ، أبى الله إلا أن ينفعني ذلك الحر الكريم بنهيه وأمره ، وأن يكون بياني وبناني مرتبطين بحمده وشكره ، وهذه حاجة في نفسي قضيتها ، وأمنية رضيت بها وأرضيتها ، ولله الحمد. ولست أحصي ، ولا أستقصي ، يا سيدي ومولاي ، شوق أخيكم سيدي ومولاي المفتي العمادي ، حفظه الله تعالى وإياكم! وقد بلغ به شوقه وغرامه ، وتعطشه [وهيامه] وأوامه (٣) ، أن أفرد الجناب مولانا كتابا ، يستجلب مفخرا وجوابا ، إذ الشام كما رأيتم عبارة عن وجوده الشريف والسلام ، وكذلك أولاده الكرام ، تلامذتكم يقبلون الأقدام ، وأما محبكم وصديقكم الشيخ البركة شيخ الإسلام مولانا عمر القاري فقد بلغته سلام سيدي ، فكان جوابه الدعاء والثناء ، مع العزيمة عليّ بأن أبالغ لجنابكم الكريم في تأدية سلامه ، وتبليغ ما يتضمنه من المحبة الخالصة فصيح كلامه ، وأما الكريميّان (٤) ولدكم محمد أفندي وأخوه سيدي أكمل الدين ، فهما لتقبيل أقدامكم من المستعدين ، وكذلك لا أحصي ما هما عليه من الدعاء والثناء لجنابكم الكريم العالي ، تلميذاكم بل عبداكم ولدانا الشيخ يحيى ابن سيدي أبي الصفاء ، وولدنا الشيخ محمد بن سيدي تاج الدين المحاسنيان ، وأما
__________________
(١) أقنى : أغنى.
(٢) نقدت ، بالبناء للمجهول : اختبرت ، وبهرج الذهب : ظهر زيفه وفساده.
(٣) الأوام : حرارة العطش. وفي ب : وتعطشه وأوامه.
(٤) في ج : وأما الكريمان.