وأنا أقول ما هو أبدع وأبرع ، وفي هذا الباب أنفع وأجمع : بل هو خط الأمان من الزمان ، والبراءة من طوارق الحدثان ، والحرز الحريز ، والكلام الحر الإبريز ، والجوهر النفيس العزيز ، وأما الكتاب نفسه فقد حسدني عليه إخواني ، واستبشر به أهلي وخلّاني ، وكان تقبيلي لأماليه ، أكثر من نظري فيه ، شوقا إلى تقبيل يد وشّته وحشته (١) ، واعتيادا للثم أنامل جسته ومسّته ، وأما اليراعة ، فلا شك أنها ينبوع البراعة ، حتى جرى من سحر البلاغة منها ما جرى. [بحر المتقارب]
فجاء الكتاب كسحر العيون |
|
بما راح يسبي عقول الورى |
وينادي بإحراز خصل السبق (٢) من الثريا إلى الثرى ، ولم أر كتابا قبل تكون محاسنه متداخلة مترادفة ، ولطائفه وبدائعه متضاعفة متراصفة ، وذلك لأنه سرد من غرر درره الأحاسن ، وورد على يد رأس أحبابنا تاج بني محاسن : [بحر الطويل]
أولئك قوم أحرزوا الحسن كله |
|
فما منهم إلا فتى فاق في الحسن |
وكما قلت فيهم أيضا : [بحر مجزوء الكامل]
فبنو المحاسن بيننا |
|
كبنى المنجّم في النجابه (٣) |
فهم القرابة إن عد |
|
مت من الأنام هوى القرابه |
فيهم محاسن جمّة |
|
منها الخطابة والكتابه |
ثم لم يكتف سيدي وشيخي بما أنعم به ، وأحسن بكتبه ، من كتابه المزين بخطه ، المبين بضبطه ، المسمى بين أهل الوفاء ، بكتاب الأصفياء (٤) ، حتى أضاف إليه كتاب الشفاء ، في بديع الاكتفاء ، كأنه لم يرض طبعه الشريف المفرد المستثنى إلا أن تكون حسناته لدى أحبابه مثنى مثنى ، حتى كأن مراده بتضعيف هذا الإكرام والإحسان ، تعجيز العبد عن أداء خدمة الحمد بحصر البيان وعقد اللسان ، إذ لست ذا لسانين ، حتى أؤدي شكر إحسانين ، وغاية البليغ في هذا المضمار الخطير ، أن يعترف بالقصور ويلتزم بالتقصير.
ومن فصول هذا الكتاب ما نصه : ومن باب إدخال السرور على سيدي وشيخي وبركتي
__________________
(١) حشته : أراد : كتبت حواشيه.
(٢) في ب ، ه : «وينادي بإحراز خصل سحر البيان من الثريا إلى الثرى».
(٣) بنو المنجم : أبناء أبي منصور المنجم. اشتهروا بالظرف والأدب ومنادمة الخلفاء (ابن النديم).
(٤) كذا في ب ، ه : وفي ج : «بكتاب الاكتفاء والاصطفاء».