يا سيدا أحرز خصل العلا |
|
بالبأس والرأي الشديد السديد (١) |
ومن على أهل النّهى قد علا |
|
بطبعه السامي المجيد المجيد |
ومن يزين الدهر منه حلى |
|
قول نظيم كالفريد النضيد |
ومن صدا فكري منه جلا |
|
نظم له القلب عميد حميد |
ومن له من يوم قالوا «بلى» |
|
في مهجتي حبّ جديد مزيد (٢) |
ومن غدا بين جميع الملا |
|
بالعلم والحلم الوحيد الفريد |
أفديك بالنفس مع الأهل لا |
|
بالمال ، والمال عتيد عديد |
أقسم بالله الذي علت كلمته ، وعمت رحمته ، وسحرت القلوب والعقول رأفته ومحبته وجعل الأرواح جنودا مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، أنني أشوق إلى تقبيل أقدام شيخي من الظمآن للماء ، ومن الساري لطلعة ذكاء (٣) ، وليس تقبيل الأقدام ، مما يدفع عن المشوق الأوام ، وقد كانت الحال هذه وليس بيني وبينه حاجز إلا الجدار ، إذ كان حفظه الله تعالى جار الدار ، فكيف الآن بالغرام ، وهو حفظه الله تعالى بمصر وأنا بالشام ، وليس غيبة مولانا الأستاذ عنا ، إلا غيبة العافية عن الجسم المضني ، بل غيبة الروح ، عن الجسد البالي المطروح ، ولا العيشة بعد فراقه ، وهجر أحبابه ورفاقه ، إلا ـ كما قال بديع الزمان ـ عيشة الحوت في البر ، والثلج في الحر ، وليس الشوق إليه بشوق ، وإنما هو العظم الكسير ، والنزع العسير ، والسم يسري ويسير ، وليس الصبر عنه بصبر ، وإنما هو الصاب (٤) والمصاب ، والكبد في يد القصاب ، والنفس رهينة الأوصاب (٥) ، والحين الحائن وأين يصاب ، ولا أعرف كيف أصف شرف الوقت الذي ورد فيه كتاب شيخي بخطه ، مزينا بضبطه ، بلى ، قد كان شرف عطارد ، حتى اجتمع من أنواع البلاغة عندي كل شارد ، وأما خطه فكما قال الصاحب ابن عباد : أهذا خط قابوس ، أم جناح الطاووس؟ أو كما قال أبو الطيب : [بحر الكامل]
من خطه في كل قلب شهوة |
|
حتى كأن مداده الأهواء |
__________________
(١) الخصل : إصابة الهدف.
(٢) يوم قالوا بلى : إشارة إلى الوقت الذي أخذ الله العهد على ذرية آدم فقال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)(قالُوا بَلى) والقصة في القرآن الكريم في سورة الأعراف ١٧٢.
(٣) الساري : السائر ليلا. وذكاء : الشمس.
(٤) الصاب : شجر مر الطعم.
(٥) الأوصاب : جمع وصب ، وهو المرض والألم الدائم.