مبالغات الناس مذمومة |
|
فاسلك سبيل القصد في الاحتفا (١) |
ولقد انقطع الثلج أيام الخريف ، وكانت الحاجة إليه شديدة بعد غيبة سيدي حفظه الله تعالى عن دمشق ، فتذكرت شغف شيخي به ، فزاد على فقده غرامي ، وفاض عليه تعطشي وأوامي (٢) ، فجعلت في ذلك عدة مقاطيع ، وأحببت عرضها على سيدي : أوّلها : [بحر الخفيف]
ثلج يا ثلج يا عظيم الصفات |
|
أنت عندي من أعظم الحسنات |
ما بياض بدا بوجهك إلا |
|
كبياض بدا بوجه الحياة |
ثانيها : [بحر الرجز]
قد قلت لما ضلّ عني رشدي |
|
وما رأيت الثلج يوما عندي |
لا تقطع اللهم عن ذا العبد |
|
أعظم أسباب الثنا والحمد |
ثالثها : [بحر الخفيف]
ثلج يا ثلج أنت ماء الحياة |
|
ضل من قال ضر ذاك لهاتي (٣) |
ما بياض بدا بوجهك إلا |
|
كبياض قد لاح في المرآة |
قد رأى الناس وجههم في المرايا |
|
وأنا فيك شمت وجه حياتي |
وما عللت سيدي هذا التعليل ، إلا لأشوقه إلى نسيم دمشق الذي خلفه سيدي حفظه الله عليلا ، وهو على الصحة غير عليل ، ولم يشف أعزه الله تعالى منه الغليل (٤) ، ولسيدي الدعاء بطول البقاء والارتقاء ، وهذه أبيات أحدثها العبد في وصف القهوة ، طالبا من سيّده أن يغفر خطأه فيها وسهوه : [بحر الرجز]
وقهوة كالعنبر السحيق |
|
سوداء مثل مقلة المعشوق |
أتت كمسك فائح فتيق |
|
شبهتها في الطعم بالرّحيق |
تدني الصديق من هوى الصديق |
|
وتربط الود مع الرفيق |
فلا عدمت مزجها بريق(٥) |
__________________
(١) فاسلك سبيل القصد : أي طريق الرشد. والاحتفا : أصله الاحتفاء حذفت الهمزة لضرورة القافية.
(٢) الأوام : شدة العطش.
(٣) اللهاة : اللحمة المشرفة على سقف الحلق في أقصى الفم.
(٤) الغليل : العطش وحرارة الجوف.
(٥) في ب : «بريقي».