الألفية ، فتفضلوا بالإغضاء ، وحسن الدعاء ، أن يجمع الله شملنا بكم في تلك الأماكن المشرفة ، ثم المأمول من سيدنا ومولانا أن يتفضل علينا بكتاب «طبقات القراء» للإمام الحافظ الداني ، إذ ليس عندنا منه نسخة ، وأما تأليفكم الكثير الفوائد المسمى «بأزهار الرياض ، في أخبار عياض ، وما يناسبها مما يحصل به للنفس ارتياح وللعقل ارتياض» فقد انتشر في هذه الأقطار المراكشية (١) ، وانتسخت منه نسخ عديدة من نسخة المرحوم سيدي أحمد بن عبد العزيز بن الولي سيدي أبي عمرو (٢) ، وكسا الله سبحانه تأليفكم المذكور جلباب القبول ، فما رآه أحد إلا نسخه ، وعندي النسخة التي كتبها بخطه السيد أحمد المذكور بخط حسن ، وعلى هامشها في بعض الأماكن خطكم الرائق ، وبعض التنبيهات من كلامكم الفائق ، وأعلمونا بتأليفكم الذي سميتموه «قطف المهتصر ، من أفنان المختصر» (٣) هل خرج من المبيضة أم لا؟ ووددنا لو اتصلنا منه بنسخة ، وقد اشتاق فقهاء هذا الإقليم إليه غاية كالفقيه قاضي القضاة محبكم سيدي عيسى وغيره من أخلاء خليل ، في كل محفل جليل ، إلى أن قال : وأنا أتمثل بكلام مولانا عليّ كرم الله وجهه حيث يقول ، تبركا به: [بحر المتقارب]
رضيت بما قسم الله لي |
|
وفوّضت أمري إلى خالقي |
كما أحسن الله فيما مضى |
|
كذلك يحسن فيما بقي |
ولي حفظكم الله تعالى تخميس على البيتين ، وذلك أنه نزلت بي شدة لا يمكن الخلاص منها عادة ، فما فرغت من تخميسهما إلا وجاء الفرج في الحين ، ونصه : [بحر المتقارب]
إذا أزمة نزلت قبلي |
|
وضقت وضاقت بها حيلي |
تذكرت بيت الإمام علي |
|
(رضيت بما قسم الله لي |
وفوّضت أمري إلى خالقي) |
||
لأن الإله اللطيف قضى |
|
على خلقه حكمه المرتضى |
فسلّم وقل قول من فوّضا |
|
(كما أحسن الله فيما مضى |
كذلك يحسن فيما بقي) |
فعذرا ـ أعزكم الله سبحانه ونفع بإخائكم! ـ عن إغباب المراسلة بالمكاتبة عذرا (٤)،
__________________
(١) في ب ، ه : «انتشر بهذه الأقطار المراكشية».
(٢) في ب : «أبي عمر».
(٣) اهتصر الغصن : أماله. والمهتصر : الغصن الممال اسم مفعول من الفعل اهتصر.
(٤) إغباب المراسلة : إرسال الرسائل يوما وتركها يوما.