هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة بنت رسول الله سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ، غير أنّ لكم رحما سأبلّها ببلالها» وكانت صفية وفاطمة من المؤمنين وكان إنذارهما إعمالا لفعل الأمر في معانيه كلها من الدعوة إلى الإيمان وإلى صالح الأعمال ؛ فجمع النبي صلىاللهعليهوسلم بين الإنذار من الشرك والإنذار من المعاصي لأنه أنذر صفية وفاطمة وكانتا مسلمتين.
وفي «صحيح البخاري» عن ابن عباس قال : لما نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) صعد النبي [صلىاللهعليهوسلم] على الصفا فجعل ينادي : يا بني فهر يا بني عديّ ، لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك إلا صدقا. قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟! فنزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) [المسد : ١ ، ٢].
وهذا الحديث يقتضي أن سورة الشعراء نزلت قبل سورة أبي لهب مع أن سورة أبي لهب عدّت السادسة في عداد نزول السور ، وسورة الشعراء عدّت السابعة والأربعين. فالظاهر أن قوله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) نزل قبل سورة الشعراء مفردا ، فقد جاء في بعض الروايات عن ابن عباس في «صحيح مسلم» : لمّا نزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين» وأن ذلك نسخ. فلعل الآية نزلت أول مرة ثم نسخت تلاوتها ثم أعيد نزول بعضها في جملة بسورة الشعراء.
والعشيرة : الأدنون من القبيلة ، فوصف (الْأَقْرَبِينَ) تأكيد لمعنى العشيرة واجتلاب لقلوبهم إلى إجابة ما دعاهم إليه وتعريض بأهل الإدانة منهم.
وظلم ذوي القربى أشدّ مضافة على المرء من وقع الحسام المهنّد.
وإلى هذا يشير قول النبي صلىاللهعليهوسلم لهم في آخر الدعوة المتقدمة «غير أن لكم رحما سأبلّها ببلالها» أي ذلك منتهى ما أملك لكم حين لا أملك لكم من الله شيئا ، فيحق عليكم أن تبلّوا لي رحمي مما تملكون ، فإنكم تملكون أن تستجيبوا لي.