فقال له يونس : بل نلقي روبيل فنشاوره ، فإنّه رجل عالم حكيم من أهل بيت النّبوّة.
فانطلقا إلى روبيل ، فأخبره يونس بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوّال يوم الأربعاء في وسط الشّهر بعد طلوع الشّمس.
فقال له : ما ترى؟ انطلق بنا حتّى أعلمهم ذلك.
فقال له روبيل : ارجع إلى ربّك رجعة نبيّ حكيم ورسول كريم ، واسأله أن يصرف عنهم العذاب. فإنّه غنيّ عن عذابهم ، وهو يحبّ الرّفق بعباده ، وما ذلك بأضر لك عنده ولا أسوء لمنزلتك لديه. ولعلّ قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوما ، فصابرهم وتأنّاهم.
فقال له تنوخا : ويحك ، يا روبيل ، ما أشرت على يونس وأمرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيّه (١) وتكذيبهم إيّاه وإخراجهم إيّاه من مساكنه وما همّوا به من رجمه.
فقال روبيل لتنوخا : اسكت ، فإنّك رجل عابد لا علم لك.
ثمّ أقبل على يونس ، فقال : أرأيت ، يا يونس ، إذا أنزل الله العذاب على قومك فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقي بعضا.
فقال له يونس : بل يهلكهم جميعا ، وكذلك سألته. ما دخلتني لهم رحمة (٢) تعطّف ، فأراجع (٣) الله فيهم وأسأله أن يصرف عنهم.
فقال له روبيل : أتدري ، يا يونس ، لعلّ الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسّوا به أن يتوبوا إليه أو يستغفروه. فيرحمهم فإنّه أرحم الرّاحمين ، ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله ـ تعالى ـ أنّه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء ، فتكون بذلك عندهم كذّابا.
فقال له تنوخا : ويحك ، يا روبيل ، لقد قلت عظيما. يخبرك النّبيّ المرسل أنّ الله أوحى إليه أنّ العذاب ينزل عليهم ، فتردّ قول الله وتشكّ فيه وفي قول رسوله. اذهب ، فقد حبط عملك.
فقال روبيل لتنوخا : لقد فسد (٤) رأيك.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لنبيهم.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : رحمته.
(٣) المصدر : فارجع.
(٤) المصدر : فشل.