بأنفسهم بخطاياهم وارتكابهم ما نهى عنه. وفي الحديث أشياء غير هذا سؤالا وجوابا انتزعت منه موضع الحاجة.
عن سليمان بن عبد الله (١) قال : كنت عند أبي الحسن موسى ـ عليه السّلام ـ قاعدا ، فاتي بامرأة قد صار وجهها قفاها ، فوضع يده اليمنى في جبينها ويده اليسرى من خلف ذلك ثمّ عصر وجهها عن اليمين ، ثمّ قال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) فرجع وجهها.
فقال : احذري أن تفعلي ، كما فعلت. [قالوا : يا بن رسول الله وما فعلت؟
فقال : ذلك مستور إلّا أن تتكلّم به فسألوها ، فقالت : كانت لي ضرّة فقمت اصلّي فظننت أنّ زوجي معها ، فالتفّت إليها فرأيتها قاعدة وليس هو معها فرجع وجهي على ما كان.] (٢) وفي أصول الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد قال : سأل رجل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) (٤) (الآية).
فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة ، فكفروا نعم الله ـ عزّ وجلّ ـ وغيّروا ما بأنفسهم من عافية الله ، فغيّر الله ما بهم من نعمة ، و (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) فأرسل [الله] (٥) عليهم سيل العرم فغرّق قراهم وخرّب ديارهم وأذهب أموالهم ، وأبدلهم مكان جنّاتهم (جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) ثمّ قال : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) (٦).
وفي كتاب معاني الأخبار (٧) ، بإسناده إلى أبي خالد الكابليّ قال : سمعت زين العابدين ـ عليه السّلام ـ يقول : الذّنوب الّتي تغيّر النّعم : البغي على النّاس ، والزّوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف ، وكفران النّعم ، وترك الشّكر. ثمّ تلا هذه الآية.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ٢٠٥ ، ح ١٨. كذا فيه وفي النسخ : عبد الملك.
(٢) من المصدر.
(٣) الكافي ٢ / ٢٧٤ ، ح ٢٣.
(٤) سبأ / ١٩.
(٥) من المصدر.
(٦) سبأ / ٢٠.
(٧) معاني الأخبار / ٢٧٠ ، ح ٢.