فالكلمتان : « الله وإله » لفظان متّحدان معنى غير أنّ أحدهما علم يدل على فرد خاص والآخر كلّّي يشمل ذلك الفرد وغيره ، وبما أنّ اللغة العربيّة تتمتع بالسعة والعموم وضعوا لفظين يشيرون بواحد منه إلى الفرد وبالآخر إلى الكلّّي الجامع له ولغيره ، فالاسم العام هو الإله والاسم الخاص هو الله.
وأمّا سائر اللغات فالغالب عليها هو اتحاد اللفظ الموضوع للمعنى الكلّّي والمعنى العلمي فيتوسّلون لتعيين المراد منه بالعلامة والقرينة. مثلاً يكتبون في اللغة الانكليزية لفظة « گاد » بصورة « god » عند ما يراد منه المعنى الكلّّي وبصورة « God » عند ما يراد منه المعنى العلمي ، وبهذا يشيرون إلى المعنى المقصود وأمّا اللغات الفارسية والتركية والارديّة فالمكتوب والملفوظ في المقامين واحد ، وإنّما يعلم المراد بالقرائن الحافّة بالكلام.
والحاصل : انّ المعاني المذكورة للفظ « إله » أو المناسبات المتصورة لاشتقاق لفظ الجلالة من مادة « اله » لو صحّ فإنّما يصحّ في الأدوار السابقة على نزول القرآن ، وأمّا بقاء تلك المناسبات إلى زمان نزول القرآن وادعاء ان القرآن استعملها بملاحظة احدى هذه المعاني والمناسبات فأمر لا دليل عليه.
على أنّ لقائل أن يقول : إنّ هذه المعاني من لوازم معنى الإله وآثاره وليست من الموضوع له بشيء فإنّ من اتّخذ أحداً « إلهاً » لنفسه فهو يعبده قهراً ويفزع إليه عند الشدائد ، ويسكن قلبه عنده إلى غير ذلك من لوازم صفة الاُلوهيّة وآثارها.
هذا هو المدّعى والذي يثبت ذلك وجود لفيف من الآيات ورد فيها لفظ الاله ولا يصحّ تفسيره إلاّ بما ذكرنا أي كون المقصود منه هو الخالق البارئ لكن بشرط العموم والكلّّية ، لا بسائر المعاني المذكورة ، أو بمعنى المتصرف المدبّر ، أو من بيده أزمّة الاُمور أو ما يقرب من ذلك ممّا يعد فعلاً له تعالى وإليك الآيات :
١ ـ ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا ) ( الأنبياء / ٢٢ ) فإنّ البرهان على نفي تعدد الآلهة لا يتم إلاّ إذا جعلنا « الإله » في الآية بمعنى المتصرّف المدبّر أو من بيده