٧ ـ والذي يعرب بوضوح إنّ الإله ليس بمعنى المعبود هو كلمة الاخلاص « لا إله إلاّ الله » إذ لو كان المقصود من الإله المعبود لكان هذه الجملة كذباً ، لأنّ من البديهي وجود آلاف المعبودات في هذه الدنيا غير الله ومع ذلك كيف يمكن نفي معبود سوى الله ولأجل ذلك اضطرّ القائل أن يقول « الإله » بمعنى المعبود وأن يقدّر لفظ « بحق » لتكون الجملة هكذا : « لا إله بحق إلاّ الله » ، مع أنّ تقدير لفظ « بحق » خلاف الظاهر فإنّ كلمة الإخلاص تهدف إلى نفي أي إله في الكون سوى « الله » وإنّه ليس لهذا المفهوم مصداق بتاتاً سواه ، وهذا لا ينسجم إلاّ أن يكون « الاله » مع لفظ الجلالة متّحدين في المعنى وأمّا جعل لفظ الجلالة علماً للذات وجعل الإله بمعنى المعبود أو ما يشابهه فلا يحصل منه المعنى المقصود بسهولة.
وأمّا جمعه على لفظ الآلهة مع أنّ مصداقه منحصر في فرد فلا يدلّ على أنّه بمعنى المعبود بل لأجل أنّ العرب كانت معتقدة بتعدّد مصداقه قال سبحانه : ( أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا ) ( الأنبياء / ٤٣ )
إلى هنا تبيّن أنّ المفهوم من لفظ الجلالة ولفظ الإله واحد ، وأمّا ما ذكر من المعاني من الخلق والتدبير والإحياء والإماتة وكون مصير الإنسان بيده فإنّما هو من لوازم الالوهية واقعاً أو عند المتصور.
وربما يستدل على أنّ الإله في الذكر الحكيم بمعنى المعبود وانّ أَلَهَ بمعنى عَبَدَ ، تمسكاً بقوله : ( وَقَالَ المَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ) ( الاعراف / ١٢٧ ) حيث قرء « وإلاهتك » اي يذرك وعبادتك ولكن الإجابة عنه واضحة.
أمّا أوّلاً فلأنّ القراءة المتواترة هي « وآلهتك » أي ليذرك وآلهتك التي أنت تعبدها حيث كان فرعون يستعبد الناس ويعبد الأصنام بنفسه (١).
__________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٤٦٤.