فالأوّل مختص دون الثاني ، فكذلك الأحد فهو مختص به في مقام التوصيف دون الواحد ، وقال الراغب ( من أقسام استعمالاته ) أن يستعمل مطلقاً وصفاً وليس ذلك إلاّ في وصف الله ( قل هو الله أحد ) (١).
وقد احتمل الرازي أنّ تنكير أحد في قوله « قل هو الله أحد » لأجل أنّه صار نعتاً لله عزّ وجلّ على الخصوص فصار معرفة فاستغنى عن التعريف.
ويحتمل أن يكون التنكير لأجل التنبيه على كمال الوحدانية كقوله سبحانه : ( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ ) ( البقرة / ٩٦ ). أي على حياة كاملة مضافاً إلى استعمال الأحد في الأدعية معرفة.
قال الأزهري سئل أحمد بن يحيى عن الآحاد هل هو جمع الأحد ؟ فقال : معاذ الله ليس للأحد جمع ولا يبعد أن يقال الآحاد جمع واحد كما أنّ الاشهاد جمع شاهد (٢).
ثمّ إنّه اجتمع في قوله سبحانه : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ألفاظ ثلاثة من أسماء الله وكلّّ واحد منها إشارة إلى مقام من مقامات السائرين إلى الله.
أمّا الأوّل أعني لفظة « هو » فقد جاء به من دون ذكر مرجع وقد زعم النحويّون غير البارعين في المعارف الإلهية انّه للشأن ولكن يمكن أن يقال : إنّه ليس للشأن وإنّما يرجع إليه سبحانه والتعبير به من دون ذكر المرجع يناسب البارعين الذين نظروا إلى صفحة الوجود فلم يروا موجوداً مستحقاً لاطلاق اسم الوجود أو الموجود إلاّ ايّاه فكأنّه ليس في الدار غيره ديّار فكان قوله « هو » كافياً في حق هذه الطائفة لأنّه إذ لم يكن في صفحة الوجود إلاّ هو كانت الإشارة المطلقة لا تتوجه إلاّ إليه وغيره يحتاج إلى مرجع.
__________________
(١) المفردات : ص ١٢.
(٢) لوامع البينات : ص ٣٣١.