لا يقبل الكثرة لا خارجاً ولا ذهناً » (١).
وفي ضوء هذا يمكن أن يقال : إنّ قوله سبحانه ولم يكن له كفواً أحد بشهادة لفظ « كفوا » ناظر إلى نفي المثيل والنظير له سبحانه ، فهو واحد في الذات فلا ذات كذاته كما هو واحد في الفعل فلا خالق ولا مدبّر سواه وانّ قوله : « قل هو الله أحد » ناظر إلى نفي أي نوع من التركيب والتجزئة في ذاته سبحانه ، وبذلك يعلم أنّ هذه السورة نزلت ردّاً لمزعمة النصارى بل اليهود أيضاً فالنصارى بحجّة أنّهم قالوا بالتثليث واليهود بحجة أنّهم يقولون : إنّ العزير ابن الله محجوجون بما ورد في هذه السورة فالله سبحانه واحد لا مثيل له ، بسيط لا جزء له. فلو كان مرجع التثليث عند المسيحية إلى أنّ كلّّ واحد من « الأب » و « الابن » و « روح القدس » إله مستقل متفرّد في الالوهية فله كفو بل كفوان مع أنّه سبحانه « لم يكن له كفوا أحد » أي لم يكن له مثيل ولا نظير فلا يتكرر ولا يتعدد ، وإن لم يكن كلّّ واحدٍ إلهاً مستقلاً بل كلّّ واحد يشكّل جزء من الالوهية فالله سبحانه هو المركب من هذه الثلاثة فهو سبحانه عندهم مركّب لا بسيط متجزئ منقسم. فردّ عليهم سبحانه بقوله : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ).
وقد ورد في ما روي عن بعض أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ما يؤيّد هذا الاستظهار. قال الامام أمير المؤمنين عليهالسلام في جواب أعرابي سأله يوم الجمل عن تفسير قوله : « إنّ الله واحد » فقال عليهالسلام في كلام مبسوط :
« وإمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربّنا وقول القائل انّه عزّ وجلّ أحدي المعنى يعني به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا » (٢).
وبذلك تقف على أنّ التوحيد الذاتي ينقسم إلى التوحيد في الواحديّة و
__________________
(١) الميزان ج ٢٠ ص ٥٤٣.
(٢) توحيد الصدوق : ص ٨٣ ـ ٨٤.